للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا قوله: "إمَّا يعذبهم بعد عِلْمِه بتوبتهم"؛ فَطَامَّةٌ لم يَقْدُروها قَدْرَها، غفر الله لهم قولها (١)، إذا عَلِمَ الباري تعالى تَوْبَةَ رجل (٢) استحال أن يُعَذِّبَه شرعًا، فلا يَحِلُّ لمسلم أن يعتقد غير ذلك، ولا يقوله.

وفي البخاري عن أبي هريرة: "كُلُّ أمتي معافى إلا المجاهرون؛ فإنَّ (٣) من المجاهرة (٤) - وفي رواية مسلم (٥): من الإجهار (٦) - أن يعمل الرجل في ليل عملًا ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان؛ عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويُصْبحُ يَكْشِفُ ستر الله عنه" (٧).

وأشدُّ ما على العبد أن يرى العقوبة عليه نازلة وبه محيطة ولا يَتُوبُ ولا يتذكَّر، والخلقُ الذين ابتلاهم الله بالأمر والنهي لا يُخليهم الباري من دلائل التعريف في كل وَقْتٍ، بنوع من البيان والتنبيه في كل أوان، بضَرْبٍ من الامتحان، وقد يكون (٨) المرءُ بزيادة البرهان وتجديد (٩) الخذلان، ومنهم


(١) في (د) - أيضًا-: لمن قالها.
(٢) في (ص): عبد.
(٣) في (ص): وإن.
(٤) في (ك) و (ب) و (ص): المجانة.
(٥) أخرجها مسلم في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الزهد والرقائق، باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه، رقم: (٢٩٩٢ - عبد الباقي).
(٦) في (ك) و (ص): الجهار.
(٧) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الأدب، باب ستر المؤمن على نفسه، رقم: (٦٠٦٩ - طوق).
(٨) مرَّضها في (د)، وفي الطرة ما لم أقطع به، يقرب أن يكون: يزيد، والله أعلم.
(٩) في (ص) و (ك) و (ب): في تجديد.