للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزل مُتَضَرِّعًا إلى ربه في إِيزَاع الشُّكْرِ الذي كان عن الإيعاز إليه على نِعَمِه عليه وعلى أَبَوَيْهِ، وإتمام ذلك في العَقِبِ حتى يتَّسق (١) الأصل والثمرة على الفرع، وتلتقي الأطراف على الأوساط، فذلك الذي يتقبَّل الله عنه (٢) أحسن ما عمل، ويتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة؛ حسب وَعْدِ الصِّدْقِ النافذ من الحق للخلق.

وأكَّد الله التوبة (٣) من المعاصي المتعلقة بالخلق في مواضع، منها: قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ﴾ الآية (٤)، وقد تكلَّمنا عليها، إلى قوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: ١١].

وقال في القتل: ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٩٣].

وجعل توبة القاتل خَطَأً مقرونة بكفَّارة يُخْرِجها، فقال: ﴿تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ﴾ [النساء: ٩٢]، ولم يجعل في العَمْدِ توبة في هذه الآية، ولكنه جعلها في آية أخرى، وقد تكلَّمنا عليها في (الناسخ والمنسوخ) (٥) وغيره بما فيه غُنية، والصحيح أنَّ له توبة.

وقال هاهنا: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: ١٢]، وقد يكون نَسْخُ الله للأمر الشاقِّ بالأمر الخفيف توبة، كقوله في صدقة المنجاة: ﴿فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ [المجادلة: ١٣]، يعني: أَسْقَطَ عنكم ما شَقَّ


(١) في (ص): يَبْسُقَ.
(٢) في (ك): عمله.
(٣) سقط من (ص).
(٤) سقط من (ص).
(٥) الناسخ والمنسوخ: (٢/ ١٨١).