للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يحتسب كان بلاؤه أشد، وكانت إنابته ورجوعه عن نفسه إلى ربه أعظم" (١).

وقيل: "بل بلاءُ إبراهيم كان أشد، ورجوعه إلى الله كان أعظم؛ لأنه كُلِّف أن يذبح ولدًا ربَّاه، ورجاءه في حياته ومماته، فابتُلِيَ بفَقْدِه، وأن يعيش من بَعْدِه" (٢).

وقال إبراهيم: ﴿يَابُنَيَّ﴾، وهذه غاية اللَّطافة، ثم عقَّبه بقوله: ﴿أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾، وهذه نهاية الغلظة، فكيف يجتمعان (٣)؟

المعنى: ﴿يَابُنَيَّ﴾؛ على لُطْفِكَ في قلبي لا بد أن أُطيع فيك ربي، قال له ابنُه -وكان مثله-: ﴿افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ [الصافات: ١٠٢].

قال العلماء: "اتخذ الله إبراهيم خليلًا؛ فكان قلبه كله له، فلمَّا وُلِدَ إسماعيل صار له من فؤاده جزءًا (٤)، فابتلاه الله بذبحه حتى تفرَّغ عن قلبه حبه (٥)، ويبقى لله صَفِيًّا (٦) في الحقيقة والجلالة (٧)، ويتمكن في التّامُورِ والجُلْجُلَانِ (٨)، ولا يبقى لإسماعيل هنالك مكان، وحتى يكون حبُّ


(١) لطائف الإشارات: (٣/ ٢٣٩).
(٢) لطائف الإشارات: (٣/ ٢٣٩).
(٣) لطائف الإشارات: (٣/ ٢٣٩).
(٤) في (ك) و (ص): جزء.
(٥) في (ك) و (ص): يفرغ قلبه عن حبه، وفي ب: يفرغ عن حبه.
(٦) في (ب): صافيًا.
(٧) في (ك) و (ص): الخلالة.
(٨) التامور والتأمور، بهمز وبدونه، يطلق ويقصد به القلب نفسه، وحبَّته، وحياته، ودمه، وعُلْقَته، وكذلك الجُلجلان، تاج العروس: (١٠/ ٧٨).