للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه الأمد وتكاثف النكد مَلَّ منازعة (١) الجسد، ولم يصبر على ذلك إلا الآحاد، وإن وقعت غفلة وطرأت (٢) فترة زال اللِّينُ، ونزلت القسوة، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ﴾ [الحديد: ١٦].

قيل: "الفترة التي كانت بين (٣) عيسى ومحمد، وهي ست مائة عام" (٤).

وكلُّ عضو من الأعضاء له راحة يَكُفُّ بها عن عمله أو يُكَفُّ، إلَّا القلب؛ فإنه في عمل دائم؛ ليلًا ونهارًا، يقظةً ونومًا، فلكثرة الشواغل عليه وقَصْدِ العَدُوِّ إليه وتَعَلُّقِ الهوى به ربما زاغ أو (٥) راغ؛ فإن زاغ هلك، وإن راغ ربَّما لم يقدر أن يتمسَّك.

ومن "فوائد أبي الفضائل (٦) بن طوق العدل الصوفي": "إن الله تعالى قال: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الأنعام: ١١٠]، فقال القُشَيري له: عَجَبًا للقدرية؛ كيف تبقى على قلوبها شبهة بهذه الآية؟ وقد أخبر أنَّ تقليب القلوب والأبصار إليه ومنه وبه، وأضاف الفعل إليه، فكيف يخرجونه عنه؟ " (٧).


(١) في (ك) و (ص): المنازعة.
(٢) في (ك) و (ص) و (ب): أو طرأت.
(٣) في (ك): موسى ومحمد، وعيسى ومحمد، وقوله: "موسى ومحمد" ضرب عليه في (د)، وفي (ب) و (ص): موسى وعيسى.
(٤) ينظر: لطائف الإشارات: (٣/ ٥٣٩)، وتفسير الطبري: (٢٢/ ٤١٠ - التركي)، وفيها خلاف ما ذكر ابنُ العربي هنا.
(٥) في (ك) و (ص): و.
(٦) في (د): الفضل.
(٧) لطائف الإشارات: (١/ ٤٩٤).