للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كره رسول الله المسائل وعابها، وعلى العبد أن يعمل بما علم، ولا يزيد حتى يعمل بما حصل عنده.

دخلتُ يومًا على ذَانْشْمَنْد (١) الأصغر (٢) وعلى كُمِّي كُتب، فقال لي: "مَالَكَ تستكثر من الشهود عليك؟ ما منها حَرْفٌ إلا وأنت مُطالب إذا وَعَيْتَه بالعمل به، فقَلِّلْ من الشهود عليك، وكَثِّرْ ممَّا تَقَيَّدَ عندك" (٣).

وفي الحديث الصحيح: "نهى النبي صلى الله عليه عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال" (٤).

وما أَذِنَ رسولُ الله في السؤال إلَّا مرتين أو ثلاثًا، من صحيح ذلك ما ثبت -واللفظ للبخاري- قال أنس بن مالك: "إن النبي خرج حين زاغت الشمس فصلَّى الظهر، فلمَّا سلَّم قام على المنبر فذكر السَّاعة، وذكر أنَّ بين يديها أمورًا عظامًا، ثم قال: من أحبَّ أن يسأل عن شيء فليسألْ، فوالله لا تسألوني عن شيء إلَّا أخبرتكم به ما دمتُ في مقامي هذا، قال أنس: فأكثر الأنصار البكاء، وأكثر رسول الله أن يقول: سلوني، قال: أنس فقام إليه رجل فقال: أين مدخلي يا رسول الله؟ قال: النار، فقام عبد الله بن حُذافة فقال: من أبي؟ قال: حُذافة، ثم أكثر أن يقول: سلوني، فبرك عمر على ركبتيه وقال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمُحَمَّدٍ رسولًا، قال: فسكت رسول الله حين قال عمر ذلك، ثم قال النبي : والذي (٥) نفسي


(١) في (ص): داشمند.
(٢) هو الإمام أبو حامد الطوسي.
(٣) ينظر: قانون التأويل: (ص ٣٦٩).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) قبله في (ك) و (ص) و (ب): أولى، وضرب عليه في (د).