للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال علماؤنا: "لو اشتغل الكُلُّ بالتفقه لهلك الخلق وتعطَّل المعاش" (١).

وما خلق الله الخليقة ليكون مكانهم سواء؛ في الخير والشر، والعلم والجهل، والنعيم والثواب، ولكنه فاضل بينهم، وفضَّل بعضهم على بعض، كلُّ ذلك لتَتِمَّ الحكمة، ولتظهر السنة التي لا تبديل لها.

ومن "فوائد الشهيد أبي سَعْدٍ (٢) الزَّنْجَانِي": "إن الله جعل المسلمين على مراتب؛ فعوامُّهم كالرعيَّة للملك، والذين يكتبون الحديث كالخُزَّانِ، والذين يُقَيِّدُونَ في قلوبهم القرآن خُزَّانُ الذخائر ونفائس الأموال، والمفتون وُكَلَاءُ الملك؛ لأنهم يُوَقِّعونَ عن الله، وعلماء الأصول كقُوَّاده وأمراء أجناده، والعُبَّاد كخاصة (٣) حَصْرَتِه، المعدودون في أهل مؤانسته" (٤).

وكلُّ مُنْذِرٌ بقَوْله وفِعْلِه، وأكثرُهم نِذارةً أهلُ الأصول والفتوى والحديث.

والذي عندي أن الأصل في ذلك برجع إلى حافظ مُبلِّغ، تَفَهَّمَ وتَفَقَّهَ (٥)؛ فذلك الأعلى، وإلى حافظ لم يَفْقُهْ فيه؛ فذلك أقل منه حظًّا، حسب ما تقدَّم بيانُه في المَثَلِ الذي قال النبي فيه: "مَثَلُ ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمَثَلِ غَيْثٍ أصاب أرضًا" (٦)، الحديث.


(١) لطائف الإشارات: (٢/ ٧٣).
(٢) في (خ): سعيد.
(٣) في (خ): فخاصة.
(٤) لطائف الإشارات: (٢/ ٧٣).
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): يفهم ويفقه.
(٦) سبق تخريجه.