للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيْدَ أن الأمير كان مُتَثبِّتًا، فدعا الفقهاء إلى المسألة؛ فاتَّفقوا على أن هذا القول كُفْرٌ، فاستظهر الباجي ببعض الحجة في ذلك، وقال للأمير: "هؤلاء جهلة، ولكن اكتب إلى علماء الآفاق (١) "، فكتب إلى إفريقية وصقلية (٢)، فجاءت الأجوبة بتصديق الباجي وتصويب قوله، وكان من قوله: "إن النبي الأمي يجوز أن يكتب بعد أُمِّيَته، فيكون ذلك من معجزاته (٣)، ولا يطعن أحد بذلك عليه؛ لأنهم قد (٤) تحقَّقوا أُمِّيَته، ثم شاهدوا معجزته" (٥)، فوقفوا، ولم يطعنوا ولا آمنوا، حتى فاء فضلُ الله عليهم في وقت آخر، وهذه حكمة الله في خلقه، وابتلاؤه لحَمَلَةِ علمه، والعاقبة للمتقين (٦).

قال الإمام الحافظ (٧) : ويتعلَّق الغريبُ باسم "المُفْرِدِ" (٨) الذي أُهْتِرَ بذِكْرِ الله؛ فإنه إذا كان بهذه الصفة لم يجد نظيرًا، ولا عاين لنفسه


= بَيِّنٌ على حسب المراد، وذهب إلى ذلك القاضي أبو جعفر السِّمْنَانِي الأصولي، قال القاضي أبو الوليد: بل كان من أوكد معجزاته أن يكتب من غير تعلم"، ثم رَدَّ ابن دحية اعتلالات المجيزين لكتابة النبي ، وبيَّن ضعفها، وكذلك فعل أبو القاسم السُّهَيلي: الروض الأنفُ: (٦/ ٤٨٥ - ٤٨٦).
(١) في (خ): العلماء بالآفاق.
(٢) في (ص): صقلية وإفريقية.
(٣) في (ك): معجزته.
(٤) سقطت من (ص) و (ب).
(٥) تحقيق المذهب للباجي: (ص ٢٢٠).
(٦) أفاد من هذا الفصل الحافظ ابنُ حجر في تلخيص الحبير: (١٣/ ٢٧٠).
(٧) في (ب): قال الإمام ، في (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي.
(٨) مَرَّ ذكره في هذا السِّفْرِ.