للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي قاله ابن العربي هنا ينقض ما نسبه إليه ابن رُشَيد وابن حجر في شرط البخاري، ويُظهر أنه لا يقول بما نُسب إليه، إذ هو هنا يذكر أن هذا الحديث إنما عُرِفَ من طريق واحد، لا من اثنين عن اثنين؛ كما قالوا، وبهذا يبطل ما أراده الغماري من حكايته لهذا القول، وهو يظن أنه قد وقع على صيد ثمين، فإذا به غَثٌّ غير سمين.

السَّابع: ما ذكرهُ ابن العربي في "السراج"، وهو قوله: "حتى قالوا: لا يقبل خبر الآحاد حتى ينقله اثنان، وينقل عن كل أحد اثنان، حتى ينتهي إلينا بأعداد لا تُحْصَى" (١)، ثم قال الإمام أبو بكر: "وذلك لا يتفق؛ فيؤول إلى إبطال الأحاديث كلها" (٢).

فكيف يكون عنده هذا الأمر من باب المحال ثم يقول: إنه من شرط البخاري في صحيحه؟

الثامن: وقد حسب هذا الغماري أن ما ذكره يشهد لقوله، ويُظهر تناقض الإمام الحافظ أبي بكر بن العربي ، ولكنه انقلب السحر على الساحر، وانعكس سعده على تعاسته، فحقَّقنا في هذا الأمر الذي تداوله الناس خلفًا عن سلف، من غير إنعام نظر، ولا زيادة تبصر، فكان ما كان مما يخشاه هذا الغماري، ويا للعجب! كلَّما رام الغماري نقضًا على ابن العربي إلَّا وجعلناه مردودًا إليه، مفسودًا عليه؛ حكمة بالغة، لعلَّهم يهتدون.


(١) سراج المريدين: (١/ ٢٦٥).
(٢) سراج المريدين: (١/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>