للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في الاسم المتوكل وهو الخامس والثلاثون؛ وذكر حكاية المرعشي مع أستاذه إبراهيم بن أدهم، وأنه مرة دفع له ورقة لأوَّل من يقابله، فقابله نصراني فدفعها إليه، فأعطاه صرة فيها ستمائة دينار، الخ، ما نصه: فهذه آداب المريدين والواصلين من أهل تلك الأقطار، وأمَّا أهل هذه البلاد - رَاجَعَ الله بهم - فلو وقعت الرقعة في يد فقيه لبَصَقَ عليها، ولو وقعت في يد ظالم - دع نصرانيًّا - لم يلتفت إليها لدناءتهم. انتهى.

قلت: وهذا من تناقضه أيضًا، ففي المقالة الأولى مدح المغرب لأبي بكر الفهري ودعاه إلى الهجرة إليه، وفي هذه يذم أهله كما ترى.

وقد فضَّل المشرق على المغرب في الغنى في مقالة أخرى، فقال في اللباس في الكلام على الأغبر، وأنه أكثر لباس أهل الأندلس؛ لكثرة أمطارها وطينها، ما نصه: وأكثر أهل المغرب فقراء، والغنيُّ منهم كالفقير بالنسبة لأهل المشرق" (١).

قلتُ: وما ظنَّه الغماري تناقضًا لا تناقض فيه، فدعوة ابن العربي إلى الهجرة إلى المغرب مُعَلَّلَة بعلل، وفيها من الأوصاف ما يدعو إلى ذلك:

منها: غلبة المنكرات.

ومنها: الاعتداء على التوحيد.

وكل ذلك إنما كان لأن الإسكندرية كانت تحت حُكْمِ العُبَيديِّين، وهم قوم قد تحلَّلوا من الدين، وألحقوا به ما الله بريء منه، وقد حكى أهل التاريخ من أفاعيلهم ومناكيرهم وكفرياتهم الشيء الكثير.


(١) جؤنة العطار: (٢/ ٥١ - ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>