للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في دين الله، ولا في العربية المطلقة، وإنَّما الفقيه من فَهِمَ ما قال الله وما قاله رسولُه، لا ما قال من لم يلزم اتِّبَاعُه، وقد بيَّنَّا في كتاب العواصم السَّبَبَ الذي أوجب اقتصار الناس على استظهار المسائل، ومقصودُهم به في الأكثر أَكْلُ الدنيا.

إلخ ما قال، وهو حجة عليه؛ فإنه مع اعترافه بهذا لم يزل معتنقًا لمذهب مالك مُقَلِّدًا له لأجل أكل الدنيا كما قال" (١).

قلتُ: ونقدُه من وجوه:

الأوَّل: في كلامه تَنَقُّصٌ من مذهب مالك ، وهي طريقته التي عاش عليها، ولم يُعرف أحد تجرَّأ على الإمام مالك كجراءة هذا الغماري عليه، وعرَّض به في كثير من مقالاته، وكذلك كان إخوته من بعده، وانظر إلى قول أخيه عبد الحي في مالك وتأمله حتى تعرف بواطن هؤلاء الفرقة، قال عبد الحي - فيما زعمه ردًّا على الإمام مالك -: "لكني لا أَمُرُّ عليه مَرَّ الكرام، بل لا بد من صَفْعِه صَفْعَةً بيد البرهان؛ حتى يظهر ما فيه من زيف ومغالطة، ما كان ينبغي أن تصدر من إمام جليل مثله" (٢).

فعبد الحي هنا يزعم أنه سيصفع الإمام مالكًا صفعة بيد البرهان، هذا غيض من فيض، وصُبابة من تلك الجراءة والتطاول على الإمام مالك رضوان الله عليه.

الثاني: تَطَاوُلُه على ابن العربي هنا مسبوق بتطاوله على كبار أئمة المالكية، إذ يقول الغماري في الإمام الحافظ أبي الوليد الباجي : "أمَّا


(١) جؤنة العطار: (٢/ ٥٣).
(٢) المجتبى: (١/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>