للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلومٌ قول القاضي أبي بكر في المفاضلة بين عائشة وفاطمة ، فقولُه هذا اجتهادٌ منه، ولا يُنْكَرُ عليه أن يجتهد، بل يُنْكَرُ على من لم يفهم كلام العلماء، ولمَّا يبلغ مرتبتهم.

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي : "والذي عندي أن عائشة مُقَدَّمَةٌ عليها؛ كتقديم أبيها على زوج الأخرى في الدنيا والآخرة، وذلك بفضول كثيرة؛ منها: أنها أمها، وينضاف إليها مع الأمومة أنها مع أبيها في المنزلة، وينضاف إلى ذلك سلام جبريل عليها، ومجالسته للنبي وهو في لحافها، وكونها أعلم منها بالدين، ومن كثير من رجال الصحابة، وأنها أحب النساء إلى النبي " (١).

وما ذكره ابنُ العربي لم ينفرد به، بل سُبِقَ إليه، وهو هنا حَاكٍ وليس بمُنْشِئٍ، قال الإمام عبد الجليل الرَّبَعِي - في شأن عائشة -: "واستدلُّوا على ذلك بكونها مع النبي في الجنة، ورُتْبَتُها معه أفضل من رتبة فاطمة مع عَلِيٍّ فيها" (٢).

فإذًا هو قول معروف، استدلَّ به من قال بأفضلية عائشة على فاطمة، وإن كانت المسألة متجاذبة، ولكنه قول قد قيل، وله ما ينزع إليه من حجة ودليل، ولكن هذا الغماري بدل أن يبحث ويتثبَّت إذا به يقذف الإمام ابن العربي بما هو براءٌ منه، وينسبه إلى ما لا يليق به ولا بأحد من أهل العلم.


(١) العارضة: (١٠/ ٦٤٣ - ٦٤٤).
(٢) التسديد شرح التمهيد لعبد الجليل: (ق ٩٣/ أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>