للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلتُ: ونَقْدُه من وجوه:

الأوَّل: كتاب "سراج المريدين" أملاهُ ابن العربي إملاءً بحضور تلاميذه، وفيهم العلماء والفقهاء والمحدثون وغيرهم، وسمعوه منه بعد ذلك في مجالس عدَّة، قراءةً ودرسًا وتَفَقُّهًا، وأن يقدم القاضي أبو بكر لفظًا على لفظ ومعنًى على معنًى في حديث جائز سائغ، ما لم يُفَدْ منه غير المعنى الذي أريد، وهو هنا من كلام عائشة ، وليس من حديث النبي حتى يتشدَّد فيه كل هذا التشدد.

الثاني: ولكن الغماري يزعم أن معنى الحديث بخلاف ما ذكر ابن العربي، واستظهر بشيء لا وجود له، وظنَّ أن أم المؤمنين عائشة إنما تُحَذِّرُهُ من النواصب، ولم يقف عند ظنه حتى جعله جزمًا وشيئًا ثابتًا، يظن الظن وينسى أن أوَّل أمره كان ظنًّا، ثم يعقد عليه ما يرمي به الإمام أبا بكر بن العربي، وليته بقي على ذُكْرٍ من ظنه، ولكنه يجعله يقينًا ليُشَعْبِذَ به على الجهَّال والعوَّام.

الثالث: وأي معنى سيتغير ما دام أن العبارة بقيت كما هي؟ وأي معنى سيحرف؟ وما أدرى الغماري بما قالت عائشة ؟

الرابع: والأغرب من كل هذا مفاضلته بين معاوية وبين عمر بن عبد العزيز ، ليقول: "إنه خير من ملء الأرض من معاوية"، ونسي أو تجاهل الغماري شرف الصحبة؛ لأنه لا وَزْنَ لها عنده.

الخامس: قال الغماري في موضع آخر: "وفي الآية دلالة على وجود الفسَّاق في الصحابة، وأنهم ليسوا عدول، وهذا ممَّا لا يشك فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>