للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَدَلَّ هذا الحديثُ الصحيح على أن سليمان إنَّما كان سؤاله ألَّا يكون ذلك لأحد من بعده، فمكَّن الله من ذلك مُحَمَّدًا لفَضْلِه، ثم يَسَّرَ على يديه الإرسال تحقيقًا لوَعْدِه، وليكون ذلك من قِبَلِه ومن عِنْدِه، فيَجْتَمِعُ الفضلان، وتَظْهَرُ المنزلتان.

واسْتَوْسَقَ لسليمانَ المُلْكُ، فقال شيخُنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله (١) المفسِّر (٢) -وذَكَرَ مُلْكَ سليمان وكرسيَّه-: عن ابن عباس قال: "كان سليمانُ بن داود يُوضَعُ له ستمائة كرسي، ثم يجيء أشراف الإنس فيجلسون ممَّا يليه، ثم يأتي أَشْرَافُ الجِنِّ فيجلسون ممَّا يلي الإنس، ثم يدعو الطير فيظلهم، ثم يدعو الريح فتُقِلُّهم، وتسير بالغداة الواحدة مسيرة شهر" (٣).

قال: ويقال: "إن كُرْسِيَّ سليمان كان من أنياب الفِيَلة، مُفَضَّضَةٌ بالدُّرِّ والياقوت والزَّبَرْجَدِ، وأنه أَمَرَ بعَمَلِه من ذلك، ثم أَمَرَ بالكرسي فحُفَّ من


= قول الله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ﴾، برقم: (٣٤٢٣ - طوق)، وأخرجه مسلم في صحيحه: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه، وجواز العمل القليل في الصلاة، برقم: (٥٤١ - عبد الباقي).
(١) في طرة بـ (س): في خـ: أبو عبد الله محمد بن محمد.
(٢) لم أوفق إلى معرفة عينه وحاله، ويجوز أن يكون أبا بكر الفهري، وعادة ابن العربي نسبة الرجل إلى أكثر من نسبة، والله أعلم.
(٣) أخرجه أبو عبد الله الحاكم في المستدرك من حديث عبد الله بن عباس : كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين، بَابُ ذِكْرِ نبي الله سليمان بن داود، برقم: (٤٢٠١)، وفي الإسناد الأعمش، ولم يصرح بالتحديث.