للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد انتهى النبي وهو القُدْوَةُ - إلى سِتِّينَ مَوْلًى، ذَكَرَهُمْ ابنُ رِشْدِينَ وغيرُه (١)، ولكنهم متفرقون لم يجتمعوا عنده، وكان يكون عنده منهم (٢) في الوقت الواحد أكثر من واحد؛ لأنَّه كان يَمُنُّ عليهم بالحُرِّيَّةِ، ويلازمونه بعد العِتْقِ في أكثر من واحد.

وثبت في الصحيح (٣) - واللفظ لمسلم - قال: "كان سعدُ بن أبي وقاص في إِبِلِه، فجاءه ابنُه عمر، فقال: أعوذ بالله من شَرِّ هذا الراكب، فنزل فقال له: أنزلتَ في غنمك وإبلك وتركت الناس يتنازعون المُلْكَ بينهم؟ فضرب سَعْدٌ في صدره وقال: اسكت، سمعتُ رسول الله يقول: إن الله يُحِبُّ العبد التقي النقي (٤)، الخفي الغني" (٥).

ثم يترقَّى به الأمر إلى مَلْكِ النِّصاب، فيكونُ غَنِيًّا مطلقًا إذا لبث عنده حَوْلًا، وهو غير محتاج إليه، وتعيَّن عليه أداءُ الحق المفروض عليه، وإسلامُ الرزق الذي أحال به الكفيل الوكيل عليه، ويكون وكيلًا للوكيل، وقاضيًا للحق الذي ألزمه بفضله الكفيل.

ونكتة ذلك: أن الله سبحانه خَلَقَ العباد ونوَّعهم دي خَلْقِه لهم إلى مقدور (٦) عليه ومُوَسَّعٍ، وضَمِنَ للكُلِّ رِزْقَه، فقال تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي


(١) ينظر في أسمائهم وأعيانهم وعدتهم: تاريخ دمشق: (٤/ ٢٥١)، وتهذيب الكمال: (١/ ٢٠٧)، وسبل الهدى والرشاد: (١٢/ ٤٣٦ - ٤٤٦).
(٢) قوله: "وكان يكون عنده منهم" سقط من (س).
(٣) قوله: "في الصحيح" سقط من (ص).
(٤) لم ترد في (س) و (ص).
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص : كتاب الزهد والرقائق، رقم: (٢٩٦٥ - عبد الباقي).
(٦) أي: مضيق عليه.