للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأوَّل: قوله: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ [الأنبياء: ٨٣]، ولم يقل: ارحمني، ولا تعرَّض لطلب زواله مع عظيم بلائه، فقال: ﴿وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (١)، ولم يقل: ارحمني، وسيأتي تحقيق ذلك في "باب الدعاء" من هذا الكتاب إن شاء الله، وهذا رَدٌّ عظيم على دعاوى حُكِيَتْ فيما جرى بينه وبين أصحابه الذين آمنوا به، وفي مراجعتهم له، وما سأل أيوبُ ربَّه فيه، والله قد أخبر عنه بما قال؛ من ذِكْرِه ضُرَّه، وذِكْرِه لربِّه، فلا زيادة عليه بحال.

الثاني: إن الله تعالى مَدَحَ أيوب بقوله: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ٤٤]، ولم يسلبه الصَّبْرَ قولُه: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾، ولو دعا وسأل (٢) الزوال لكان قد فاته جُزْءٌ من الصبر، وإن كان لا يُؤَثِّرُ في الأجر، وإنما يُفَوِّتُ منزلةً أثبتها الله له؛ وهي الغاية في الصبر (٣).

وقد قيل - وهو الثالث -: "إنَّ هذا وإن كان فإنه به جُزْءٌ من الصبر، وإن كان لا يؤثر في الأجر، فإنه عفا الله عنه لمَّا كان نادرًا، وراعى له الغالب من أحواله في أوقات بلائه" (٤).

الرابع: أنه قال: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾، إقرارًا بالعجز، فلم يكن منافيًا للصبر (٥).


(١) لطائف الإشارات: (٢/ ٥١٤).
(٢) في (ص): أو.
(٣) لطائف الإشارات: (٢/ ٥١٤).
(٤) لطائف الإشارات: (٢/ ٥١٤).
(٥) لطائف الإشارات: (٢/ ٥١٤).