للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحافظ أبو بكر (١) : وقال الطبري في قوله: ﴿مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾: "النُّصْبُ: المرض الذي أصابه، والعذاب: ذهاب ماله" (٢).

وقد أخبر الله كما بيَّنَّا عنه أنه قال: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾، ثم فسَّره وفسَّر سَبَبَه فقال: ﴿مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾، وأضافه إلى الشيطان أدبًا كما بيَّنَّا عنه في غير موضع، كما أضافه إبراهيم إلى نفسه أيضًا أدبًا فقال: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾، وأضاف الشفاء إلى الله (٣) إقرارًا وتسليمًا، وايمانًّا وإجلالًا.

ويحتمل أن يكون أراد بإضافة ذلك إلى الشيطان ما كان يُوَسْوِسُ به إليه وإلى زوجه؛ من تجزيعهما (٤) ممَّا نزل بهما، واجتهاده في التبرم بالأذى، وهو يجده في كل ذلك صابرًا، فكان معه في تعب وتعذيب؛ وهي مشقة مجاهدته، فإن مقاساة المشقة والخروج من الرخاء إلى الشدة عذاب، وفي الحديث الصحيح: "السَّفَرُ قطعة من العذاب، يُمنع أحدكم طعامه وشرابه، فإذا قضى أحدٌ منكم نَهْمَتَه فليعجل إلى أهله" (٥).


(١) في (ز): قال اللامام الحافظ أبو بكر بن العربي.
(٢) تفسير الطبري: (٢٠/ ١٠٧ - التركي).
(٣) في (د): نفسه، وهو سبق قلم.
(٤) في (د): تجريدهما.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب العمرة، باب السفر قطعة من العذاب، رقم: (١٨٠٤ - طوق).