للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن الحق عليكم ألَّا تجعلوا ذلك من فُرُوضِ معارفكم، ولا من وظائف عقائدكم، وإنَّما عليكم أن تحفظوا فيها أربعة عقود:

العَقْدُ الأوَّل: أنها موجودةٌ عن عدم، مخلوقة من غير شيء، محصورة محاط بها، مُقَدَّرَةٌ في ذاتها وحقيقتها كسائر الحوادث.

الثاني: أنها باقية لا فناء لها بعد وجودها.

الثالث: أنها تنفرد (١) باللذة والألم والنعيم والعذاب عن الجسم؛ كما تَلْتَذُّ وتألم، وتُنَعَّمُ وتُعَذَّبُ (٢) معه، ولا يصح أن ينفرد عنها الجسمُ بشيء من ذلك.

الرابع: أنه يبقى النظر في انفرادها عن الجسم بذلك؛

هل يقال: بأنها جِسْمٌ آخَرُ فيصحُّ له الانفراد دونه؟

أم هي عَرَضٌ فلا يصح أن تقوم بنفسها دون الجسم؟

ولا يصحُّ أن تقوم (٣) بجسم آخر فيُعَذَّبُ من لم يذنب، أو يُنَعَّمُ من لم يُحْسِنْ، والخبرُ الصِّدْقُ قد جاء بأن الثواب والعقاب إنما يكون للمحل الذي تولَّى الطاعة والعصيان.

وقد قال بعضُ علمائنا (٤): "إن الروح إن كانت عَرَضًا فلا بد من وجودها بجزء من البدن".


(١) في (س): تتفرد.
(٢) في (ص): تتعذب.
(٣) في (س): يقوم.
(٤) هو الإمام أبو بكر الباقلاني، المسالك: (٣/ ٥٩٧)، وقانون التأويل: (ص ١٧٤).