للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطاعتها، ثم ماتت وقد وَتَرَنِي الأَهْلُ والوَلَدُ، وانتهى كُلُّ شيء إلى ما كُتِبَ له من الحال والأَمَد، وليس لأحد عن قضاء الله مُلْتَحَد" (١).

وقال أيضًا: "ورأيتُ بمُنَسْتِير إفريقية جماعةً على الطريقة المُثلى في العزلة عن الدنيا، أَقَمْتُ عندهم عشرين يومًا فكَأَنِّي في الآخرة؛ طِيبُ عِيشَةٍ، وسلامةُ دِينٍ، ثم جَذَبَتْنِي صِلَةُ الرحم، فَقَطَعَتْنِي عن الله مقادير سماوية، فَاعْجَبْ -فَدَيْتُكَ- من قَطْعٍ بوَصْلٍ، ومن أَجْرٍ بذَنْبٍ، ومن إِعْرَاضٍ بإِقْبَالٍ" (٢).

وإنَّما كان القاضي أبو بكر في المُنَستير عام ٤٩٤ هـ (٣)، فيفيد هذا النص أن إلحاح والدته عليه قد اتَّصل به إبَّان مُقامه بإفريقية، وأنَّ بِرَّه بها عجَّل برجوعه، وهو ما جعله يطوي ما كان عزم عليه، ويَحُلُّ ما كان رَبَطَ قلبه عليه، فيمَّم شطر تلمسان (٤)، ثم فاس (٥)، وبعدها إلى إشبيلية عام ٤٩٥ هـ، ويفيد قوله: "إن والدته لم يكن لها غيره"؛ أنه لم يكن له إخوة، وهي بعد ما تزال شابَّة وحيدة، بعد ما ذهب زوجها وهو لم يبلغ بعد الستين، فرجع إليها ليقضيَ حَقَّها.

وذَكَرَ في مقالته هذه موت والدته -رحمة الله عليها-، وكيف أثَرَ فيه، وأشار إلى معاناته مع زوجه وولده، وقد تقدَّمت شكاةُ ابن العربي من


(١) سراج المريدين: (٢/ ٣٦٨).
(٢) سراج المريدين: (٢/ ٢١٠ - ٢١١).
(٣) سراج المريدين: (٢/ ٢٩٩).
(٤) سراج المريدين: (٤/ ٤٠٥).
(٥) سراج المريدين: (٤/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>