للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا إضافة الموت إلى الملائكة فلأنهم المباشرون حِسًّا، والكُلُّ مضاف عربية إضافة صحيحة، وإن اختلفت المعاني معقولًا ومحسوسًا، وحقيقة ومجازًا، وأفاد الجميعُ العبارة بالبيان لملكوت الله وجبروته، وتدبيره وحِكْمَتِه، وإذا كانت الملائكة هي التي تتولَّى قبض الروح، ففي تنويع قَبْضِ الروح (١) آيَةٌ وأحاديث.

أمَّا الآية فقد تقدَّمت، وهي قوله: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ﴾، وقوله: و ﴿الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾ [الأنفال: ٥٠]، والمعنى في البَسْطِ (٢) يحتمل وجهين:

أحدهما: المد والفتح حتى يقع فيها الروح؛

والثاني: الضرب، من قولك: "بسطتُ يدي على فلان"، إذا ضربتَه، وهو الأظهر لوجهين:

أحدهما: أنه لو كان معنى البَسْطِ (٣) المد حتى يقع فيها الروح، فمن كان يُخْرِجُ الروح؟ والله قد أخبرنا بإخراجه على أيديهم.

والثاني: أنه قد فسَّر البَسْطَ بالضرب في الوجوه والأدبار في الآية الأخرى: ﴿يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾، يقولون - في بعض الأقوال - للأجساد: ﴿أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ﴾ [الأنعام: ٩٣].

ولو صحَّ أن هذا خطاب حقيقة لكان خطاب تكوين لا تكليف؛ لأن الأجساد لا تعقل فتكلَّف، ولا تُضبَط فتسلم.


(١) قوله: "ففي تنويع قبض الروح" سقط من (د).
(٢) في (د): البسيط.
(٣) في (د): البسيط.