للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمراد به هاهنا: العَدَدُ (١)، وذلك أن الباري تعالى يُعَدِّدُ على الخلق أعمالهم، من إحسان وإساءة، ويُعَدِّدُ عليهم نِعَمَه، ثم يُقَابِلُ البعض بالبعض على مقادير (٢) عِلْمِه فيه، ووقوعها بصفاتها، فما شَفَّ منها على الآخر حُكِمَ للشفوف بحكمه الذي عيَّنه؛ للخَيْرِ بالخير، والشَّرِّ بالشَّرِّ.

ومن أَهْوَالِهَا حديثُ أبي هريرة، قال: قال رسول الله ، وذكر الحديث، "فيَلْقَى العَبْدَ فيقول: أَيْ فُلْ، ألم أُكْرِمْكَ وأُسَوِّدْكَ وأَذَرْكَ ترأس وترتع؟ فيقول: بلى، فيقول: أفظننت أنك مُلَاقِيَّ؟ قال: فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتني، ثم يَلْقَى (٣) الثاني فيقول: أي فُل، ألم أكرمك؟ ألم أُسَوِّدْكَ وأزوجك؟ وأسخر لك الخَيْلَ والإبل؟ وأَذَرْكَ ترأس وترتع؟ فيقول: بلى، أي رب، فيقول: أفظننت أنك مُلَاقِيَّ؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما. نسيتني، ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك" (٤).

وقد قال الله: ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: ١٤]، أي: حاسبًا؛ فَعِيل بمعنى فاعل، فإذا نظر فيها رأى أنه قد هَلَكَ، فإن أدركته سابقة حسنة وُضِعَتْ له لا إله إلا الله في كِفَّةِ الميزان، فرَجَحَتْ له السماوات والأرض.


(١) في (ص): العد.
(٢) في (د) و (ز): قَدْرِ، وأشار إليها في (س).
(٣) في (س): فيلقى.
(٤) تقدَّم تخريجه.