للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقالتهم لِيتًا، ويَكْفِيكُم (١) في بيان العِلْمِ علمُكم بأنفسكم، ويكفيكم في شَرَفِه أمران:

أحدُهما: أنه صفة الربِّ التي ينشأ عنها كلُّ فِعْلٍ.

والثاني: أنه مُقَدِّمَةٌ لكل معنى دنيوي وأخروي، ومن خَلَا عنه هَلَكَ في أمور دُنياه ففاتنه وتَشَعَّبَتْ عليه، ومن فاتته في معاني آخِرَته كَفَرَ ولم يَعْلَمْ، وعصى ولم يَشْعُرْ.

قال الفقراء: "ما عُصِيَ الله بأَعْظَمَ من الجَهْلِ، والجَهْلُ بالجَهْلِ أشدُّ من الجَهْلِ" (٢).

وفى مثله أَتْقَنَ بعضُ حكماء النَّظْم فقال (٣):

إذا لَمْ تَكُنْ تَدْرِي ولَمْ تَكُ بالذِي … يُسَائِلُ مَنْ يَدْرِي فكَيْفَ إِذًا تَدْرِي

ومن عَجَبِ الأَيَّامِ أنَّك لا تَدْرِي … وأنَّك لا تَدْرِي بأنَّك لا تَدْرِي

جَهِلْتَ ولم تَعْلَمْ بأنَّك جَاهِلٌ … فكُنْ هَكَذَا أَرْضًا يَطَاكَ الذي يَدْرِي (٤)

وقد خصَّ الله قَوْمًا بالعلم دون قَوْمِ، وأَمَرَ من لم يعلم أن يسأل من عَلِمَ، والعِلْمُ المطلوب هو المذكور في كتاب الله.

وأصلُه: العِلْمُ بالله وصفاته، وسُنَّتِه وأَحْكَامِه وشَرَائِعِه، وهو مُبَيَّنٌ لكم في هذا الكتاب، مُقَدِّمَة لما بين يديه ومن خَلْفِه إن شاء الله.


(١) في (د): يكفيهم.
(٢) قوت القلوب: (٣/ ١٣٦٠)، والإحياء لأبي حامد: ص (١٧٣٨).
(٣) الأبيات من الطويل، وهي لأبي القاسم الآمِدي، في أدب الدنيا والدين للماوردي: ص (٧٦)، وزاد فيها بيتًا آخر، ورتَّبها ترتيبًا آخر.
(٤) سقط البيت الأخير من (ص).