للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا سيبويه فلا لَعًا لعَثْرَتِه.

وأمَّا القاضي فقد وَهِمَ شي أن ساعدهم وجَعَلَ العَقْلَ وَضْعًا اصطلاحِيًّا في غير الموضع العربي (١)، وليس يُحتاج إلى ذلك في تَعَلُّمِ الخبر، ولا في تَعَلُّمِ النظر، وقد جادلنا الدَّهْرَ كلَّه ورأينا المُجادلين وما احتجنا إلى شيء من ذلك.

وأمَّا سيبويه فإنه اقتفى مع الخليل آثارَ الفلاسفة في اصطلاحهم (٢).

وهذا الاصطلاحُ وإن كان القاضي قد احتاج إليه بزَعْمِه في الجدال، فسيبويه لا يَحْتَاجُ إليه في اللغة؛ فإن العربية لا تنبني على اصطلاح الفلاسفة، ولا يَجِدُ سيبويه ولا الخليلُ في العربية أبدًا فَرْقًا بين عَرَفْتُ زيدًا قائمًا، وعَلِمْتُ زيدًا قائمًا؛ في المعنى ولا في الإِعْرَابِ أبدًا.

أمَا إن المعنى الذي قَصَدُوه (٣) صحيحٌ، وتَعْيِينُ العبارة له من اللغة باطلٌ قَطْعًا، وانتهاكٌ لحُرْمَةِ العربية، وخروجٌ عن سِيرَةِ السَّلَفِ.

والعِلْمُ في لسان المُحَقِّقِينَ هو الخَشْيَةُ، وسترون صِفَتَه.


= حالة واحدة، وأن المتحرك عن المكان لا يجوز أن يكون ساكنًا فيه في حالة واحدة، وما جرى هذا المجرى من كون الذات حيَّةً ميتةً، وغير ذلك من الأوصاف المتضادة"، الأوسط لأبي المظفر: (١/ق ١٧/أ).
(١) في (د) و (ص) و (ز): اصطلاحيًّا غير الوضع العربي.
(٢) قال ابن العربي في تعريف أرسطو طاليس للعقل-: "إنه تصورات ومعان تحصل
للنفس بأصل الفطرة، والعلم يحصل بالاكتساب، فتلقَّفه الخليل منه، وقال: إن
العلم معرفتان مجتمعتان، فعرفتُ زيدًا قائمًا؛ حال لزيد، وعلمتُ زيدًا قائمًا؛
مفعول ثان لعلمتُ"، العواصم من القواصم: (ص ١٥٩ - ١٦٠).
(٣) في (د) و (ص) و (ز): قصداه.