للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمَّا كان ليلة الفتح ولقيه العبَّاس بالأذاخر، وجاء به، ووَقَفَ بين يدي رسول الله- (١)، وعُمَرُ قد تبعه ليقتله، فقال له النبي : "أما آن لك أن تشهد أن لا إله إلا الله؟ فقال له أبو سفيان (٢): أما هذا فقد علمتُ أنه لو كان مع الله إله غيره لأغنى عني (٣)، قال له: أما آن لك أن تشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال له أبو سفيان: أمَّا هذه ففي النفس منها شيء، فقال له العباس: ويحك؛ تَشَهَّدْ قبل أن تُضرب عنقك، فتشهَّد (٤) شهادة الحق" (٥).

ولم تكن تخفى (٦) على أبي سفيان منزلتُه، ولا ضَلَّتْ عليه معجزتُه، ولكنها كانت أَنَفَةً فىَ دَنِيَّةً، وهِمَّةً جَاهِلِيَّةً، وحالًا (٧) اقتضتها العصبيَّةُ، وحَسُنَ بعد ذلك إسلامُه، وإسلامُ الفاضلة زَوْجِهِ؛ هِنْدِ بنت عُتْبَةَ، وجاءت إلى النبي فقالت له: "يا رسول الله، والله ما كان على ظهر الأرض أَهْلُ خِبَاءً أحب إليَّ من أن يَذِلُّوا من أهل خبائك، وما أصبح اليوم على ظهر الأرض أَهْلُ خباء أحب إليَّ أن يَعِزُّوا من أهل خبائك، فقال لها رسول الله (٨) : وأنا كذلك" (٩)، وناهيك بها (١٠) منقبةً وشرفًا.


(١) بعده في (د): به.
(٢) قوله: "فقال له أبو سفيان" سقط من (س).
(٣) في (س) و (ص): لو كان غير الله لأغنى عني.
(٤) في (س) و (ز): فشهد.
(٥) أخرجه الطبراني في أكبر معاجمه عن ابن عباس : (٨/ ١١)، رقم: (٧٢٦٤)، فيه محمد بن إسحاق، وهو حسن الحديث.
(٦) في (د): لم يكن يخفى.
(٧) في (د): حال.
(٨) في (د) و (ص) و (ز): النبي.
(٩) أخرجه البخاري في صحيحه عن عائشة : كتاب مناقب الأنصار، باب ذكر هند بنت عتبة ، رقم: (٣٨٢٥ - طوق).
(١٠) في (د) و (ص): بهذا.