للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالثة: قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ [الفرقان: ٦٤] يَعْنِي: أنَّهم (١) بالنهار فى صَمْتٍ وكَفٍّ، وهُم بالليل في سُجُودٍ ورُكُوعٍ، وقِرَاءَةٍ وفِعْلٍ (٢).

وقد قُلْتُ في ذلك أبياتًا ربَّما أفادت الصالحين ذِكْرَى، وهي:

إِلَيْكَ إِلَهَ الخلق قاموا تَعَبُّدَا … وذَلُّوا خُضُوعًا يَرْفَعُونَ لَكَ اليَدَا

بإِخْلَاصِ قَلْبٍ وانتصاب جوارح … يَخِرّونَ للأَذْقَانِ يَبْكُونَ سُجَّدَا

نَهَارُهم صَوْمٌ ولَيْلُهُم بُكَا (٣) … ودينُهم رَعْيٌ ودُنياهم (٤) سُدَا (٥)

فبالحِكَمِ اللَّاتِي تَوَلَّتْ نظامَهم … وبالكَلِم اللَّاتِي أَنَالَتْهُمُ الهُدَى

أَزِلْ حَسَدَ الحُسَّادِ عَنِّي بكَبْتِهم … فأَنْتَ الذي صَيَّرْتَهُم لي حُسَّدَا

وهذا كقوله: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٩] ولم يَذْكُرِ الركوع؛ لأن ذِكْرَ السُّجُودِ ذِكْرٌ له، والسُّجُودُ هو الانحناء، وأوَّله خَفْضُ الرأس، وآخِرُه وَضْعُ الوجه على الأرض، وإذا انحنى نِصْفُ بدنه وبَقِيَ النِّصْفُ الآخَرُ قائمًا (٦)؛ فهو آخِرُ الركوع عَرَبِيَّةً، وأوَّلُه (٧) ابتداءُ خَفْضِ الرأس، وهذا كلُّه يفعله خَوْفًا من الله، ورجاءً في الرحمة.


(١) سقطت من (س).
(٢) مرَّضها فى (ل).
(٣) في (س) و (د) و (ص): هُدى، ومرَّضها في (ل).
(٤) في (د): وأخراهم.
(٥) في (د): صدَا.
(٦) في (س): فإنما هو.
(٧) في (س): أوَّل السجود.