للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال الله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: ٣٢]، وهذا يشهد لما عَضَدْنَاهُ من نكاح العابد والصالح، ويُبَيِّنُ أن نكاحه سَبَبٌ لغناه وسَعَةِ رزقه.

وعَبْدُك هو الذي لا يخدم إلَّا لك، ولا يتصرَّف إلا بأمرك، ولا يرجو سواك، قال النبي-: "إن الله أمر يحيى بن زكرياء بخَمْسِ كلمات ليعمل بها، ويَأْمُرَ بني إسرائيل أن يعملوا بها، وأنه كاد يُبْطِئُ (١) بها، فقال (٢) عيسى: إن الله أَمَرَكَ بخمس كلمات لتعمل بها، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإما أن تأمرهم، وإما أن آمرهم، فقال يحيى: أخشى إن سبقتني بها أن يُخْسَفَ بي أو أُعَذَّبَ، فجمع الناسَ في بيت المقدس، فامتلأ المسجد وقَعَدُوا على الشُّرَفِ، فقال: إنَّ الله أمرني بخَمْسِ كلمات أن أعمل بِهِنَّ، وآمرُكم أن تعملوا بهن؛ أوَّلهن: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، فإن مَثَلَ من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدًا من خالص ماله بذَهَبٍ أو وَرِقٍ، فقال: هذه داري، وهذا عملي، فاعْمَلْ وأَدِّ إِلَيَّ، فكان يعمل ويؤدي إلى غير سَيِّدِه، فأيكم يرضى أن يكون كذلك؟ وأنَّ الله أمركم بالصلاة، فإذا صلَّيتم فلا تلتفتُوا، فإنَّ الله يَنْصِبُ وَجْهَه لوَجْهِ عَبْدِه في صلاته ما لم يلتفت، وآمركم بالصيام، فإن مَثَلَ ذلك كمَثَلِ رَجُلٍ في عصابة مَعَهُ صُرَّةٌ فيها مِسْكٌ، وكلهم يَعْجَبُ أو يُعْجِبُه ريحُها، وإنَّ رِيحَ الصائم عند الله أَطْيَبُ من ريح المِسْكِ، وآمرُكم بالصدقة، فإن مَثَلَ ذلك كمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ العدو


(١) في (س): أن يبطئ.
(٢) في (س): فقال له.