للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَلَى طَلَاقِ فُلَانَةَ عَلَى أَنْ رَدَّتْ عَلَيْهِ عَبْدًا فَهُنَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ شَرَطَ أَنْ يُطَلِّقَ فَمَا لَمْ يُطَلِّقْ لَمْ يَقَعْ، وَهُنَا أَوْجَبَ الطَّلَاقَ بِالْعَقْدِ عِوَضًا، وَالْعِوَضُ يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَلِهَذَا يَقَعُ الطَّلَاقُ هُنَا، وَالزَّوْجُ بَذَلَ شَيْئَيْنِ الْأَلْفَ، وَالطَّلَاقَ، وَالْمَرْأَةُ بَذَلَتْ شَيْئَيْنِ الْبُضْعَ، وَالْعَبْدَ، وَالشَّيْئَانِ مَتَى قُوبِلَا بِشَيْئَيْنِ يَنْقَسِمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرَيْنِ فَإِذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ سَوَاءً كَانَ نِصْفُ الْأَلْفِ وَنِصْفُ الطَّلَاقِ بِمُقَابَلَةِ الْعَبْدِ ثَمَنًا وَنِصْفُ الْأَلْفِ وَنِصْفُ الطَّلَاقِ صَدَاقٌ لَهَا فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْل الدُّخُولِ بِهَا كَانَ لَهَا مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، وَالطَّلَاقُ الْوَاقِعُ عَلَى الضَّرَّةِ بَائِنٌ؛ لِأَنَّ بِمُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ الْبُضْعِ فَكَانَ الطَّلَاقُ بِجُعَلٍ فَيَكُونُ بَائِنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجُعَلُ مَشْرُوطًا عَلَى الْمُطَلَّقَةِ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَا نِصْفَ الْعَبْدِ وَنِصْفَ الْبُضْعِ بِمُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ إذَا ضُمَّ إلَى الْمَعْلُومِ فَالِانْقِسَامُ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ دُونَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ رَجَعَ بِحِصَّةِ خَمْسِمِائَةٍ حِصَّةِ الْعَبْدِ لِمَا قُلْنَا وَتَتَنَصَّفُ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْعَبْدِ بِمُقَابَلَةِ نِصْفِ الطَّلَاقِ وَاسْتِحْقَاقُ الْجُعْلِ أَوْ هَلَاكُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يُوجِبُ قِيمَتَهُ عَلَى مَنْ كَانَ مُلْتَزَمَ تَسْلِيمِهِ فَلِهَذَا رَجَعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ النِّصْفِ.

(قَالَ:) وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَعَلَى أَنْ يُطَلِّقَ فُلَانَةَ فَأَبَى أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلَهَا كَمَالُ مَهْرِ مِثْلِهَا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا رَضِيَتْ بِالْأَلْفِ بِاعْتِبَارِ مَنْفَعَةِ طَلَاقِ الضَّرَّةِ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهَا ذَلِكَ فَلَهَا كَمَالُ مَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَكَرَامَتِهَا أَوْ يُهْدِي إلَيْهَا هَدِيَّةً، وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ شَرَطَ لَهَا مَعَ الْأَلْفِ مَا هُوَ مَالٌ كَالْهَدِيَّةِ، وَالْكَرَامَةِ؛ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ شَرَطَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ كَطَلَاقِ الضَّرَّةِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْأَلْفُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يَتَقَوَّمُ بِالْإِتْلَافِ، فَكَذَلِكَ يُمْنَعُ التَّسْلِيمُ إذَا شَرَطَ لَهَا فِي الْعَقْدِ.

فَأَمَّا الطَّلَاقُ وَنَحْوُهُ لَا يَتَقَوَّمُ بِالْإِتْلَافِ فَكَذَا لَا يَتَقَوَّمُ بِمَنْعِ التَّسْلِيمِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَا تُوجَبُ الزِّيَادَةُ بِاعْتِبَارِ تَقَوُّمِ مَا شَرَطَ لَهَا؛ وَلَكِنْ لِانْعِدَامِ رِضَاهَا بِالْأَلْفِ بِدُونِ الْمَنْفَعَةِ الْمَشْرُوطَةِ.

(قَالَ:) وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِير وَهُمَا مُسْلِمَانِ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عِنْدَنَا، وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: النِّكَاحُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ يَمْنَعُ وُجُوبَ عِوَضٍ آخَرَ، وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ الْخَمْرِ بِالْعَقْدِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَكَانَ بَاطِلًا كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِخَمْرٍ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: هُمَا شَرَطَا قَبُولَ الْخَمْرِ، وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ إلَّا أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَشَرْطُ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُسَمَّى مَالًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ لَهَا عِوَضًا فَلِهَذَا كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الْبَيْعِ: إنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا، وَالْبَيْعُ يَفْسُدُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ.

(قَالَ:) وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَعَلَى أَرْطَالٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>