مَعْلُومَةٍ مِنْ خَمْرٍ فَلَيْسَ لَهَا سِوَى الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْخَمْرِ، وَالسُّكُوتَ عَنْهَا سَوَاءٌ كَمَا قُلْنَا، وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَمْرِ، وَقِيمَةُ الدَّنِّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَلَهَا الدَّنُّ دُونَ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ الدَّنَّ مُتَقَوِّمٌ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ سَمَّى لَهَا الْخَمْرَ مَعَ الْعَشَرَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ الْمَظْرُوفُ دُونَ الظَّرْفِ، وَالْمَظْرُوفُ لَيْسَ بِمَالٍ.
(قَالَ:) وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْخَمْرِ، فَإِذَا هُوَ خَلٌّ أَوْ عَلَى هَذَا الْحُرِّ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ فَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَهَا الْمُشَارُ إلَيْهِ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِتَسْمِيَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَالْأَصَحُّ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِمَا بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ أَنَّ عِنْدَهُ إذَا كَانَ الْمُشَارُ إلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ، وَالْمُشَارُ إلَيْهِ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ.
(قَالَ:) وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ، وَعَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ إنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ أَوْ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ الْكُوفَةِ، وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ أَخْرَجَهَا أَوْ قَدَّمَ شَرْطَ الْأَلْفَيْنِ فِي الْفَصْلَيْنِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَذْكُورُ أَوَّلًا صَحِيحٌ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَالثَّانِي فَاسِدٌ حَتَّى إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا نِصْفُ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَإِنْ وَفَّى بِالشَّرْطِ فَلَهَا الْأَلْفُ، وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ لَهَا بِالشَّرْطِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يُجَاوِزُ بِهَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْأَلْفِ بِاعْتِبَارِ مَنْفَعَةٍ مَشْرُوطَةٍ، فَإِذَا لَمْ تَنَلْ ذَلِكَ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَلَكِنَّهَا رَضِيَتْ بِالْأَلْفَيْنِ بِيَقِينٍ، فَلِهَذَا لَا يُجَاوِزُ بِهِ أَلْفَيْنِ، وَإِنَّمَا جَوَّزَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْعَقْدِ مَعَ بَقَائِهِ قَدْ تَمَّ بِذِكْرِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، وَاسْتَقَرَّ بِذَلِكَ فَبِذِكْرِ الشَّرْطِ الثَّانِي قَصَدَ تَغَيُّرَ مُوجِبِ الْعَقْدِ مَعَ بَقَائِهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الشَّرْطَانِ جَائِزَانِ عَلَى مَا اشْتَرَطَا، وَعِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الشَّرْطَانِ فَاسِدَانِ فَيَكُونُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يُنْقَصُ عَنْ الْأَلْفِ، وَلَا يُزَادُ عَنْ الْأَلْفَيْنِ، وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ إذَا دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا، وَقَالَ: إنْ خِطْته الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْته غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَسَنُبَيِّنُهَا ثَمَّةَ مَعَ نَظَائِرِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَالَ:) وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَكَرَامَتِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا نِصْفُ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ سَقَطَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَاشْتِرَاطُ الزِّيَادَةِ الْمَجْهُولَةِ إنَّمَا كَانَ مُعْتَبَرًا فِي حَالِ قِيَامِ الْعَقْدِ؛ لِإِيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِقَوْلِهِ، وَقَدْ سَقَطَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالطَّلَاقِ فَكَانَ لَهَا نِصْفُ الْأَلْفِ كَمَا لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ تِلْكَ الزِّيَادَةَ أَصْلًا.
(قَالَ:) وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ فَلَهَا الْأَلْفُ، وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute