لَا تَجِبُ قِيمَةُ الْوَلَدِ هُنَا؛ لِأَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ كَأُمِّهِ لَا قِيمَةَ لِرِقِّهِ حَتَّى لَا يُضْمَنَ بِالْغَصْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَكَذَلِكَ بِالْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ، وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا يَصِيرُ كَأُمِّهِ إذَا ثَبَتَ فِيهِ حَقُّ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ، وَذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الرِّقِّ فِيهِ، وَهُنَا عُلِّقَ الْوَلَدُ حُرَّ الْأَصْلِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حَقُّ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ، وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مُكَاتَبَةٌ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْجَوَابُ كَذَلِكَ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ إنَّمَا يَضْمَنُ لَهَا، وَهِيَ إنَّمَا تَسْعَى لِتَحْصِيلِ الْحُرِّيَّةِ لِنَفْسِهَا وَوَلَدِهَا فَفِي حُرِّيَّةِ وَلَدِهَا يَحْصُلُ بَعْضُ مَقْصُودِهَا، فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَرَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْغُرُورَ كَانَ مِنْهَا، فَلَا يَكُونُ مُفِيدًا شَيْئًا، وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِضَمَانِ قِيمَةِ وَلَدِ الْغُرُورِ وَقَدْ تَقَرَّرَ هُنَا، وَرُجُوعُهُ عَلَيْهَا يَكُونُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَهِيَ سَتُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَيْهِ لِلْحَالِ فَكَانَ مُفِيدًا، وَإِنَّمَا يُرْجَعُ عَلَى الْأَمَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ ضَمَانَ الْغُرُورِ كَضَمَانِ الْكَفَالَةِ، وَضَمَانُ الْكَفَالَةِ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ مُؤَخَّرٌ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ.
(قَالَ:) وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَرَكَ مَالًا فَمَالُهُ لِأَبِيهِ بِحُكْمِ الْإِرْثِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَبِ فِيهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمَنْعَ بَعْدَ الطَّلَبِ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ، وَلَوْ قُتِلَ الْوَلَدُ يَأْخُذُ الْأَبُ دِيَتَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ لَهُ بَدَلَ نَفْسِهِ، وَحُكْمُ الْبَدَلِ كَحُكْمِ الْمُبْدَلِ فَيَتَحَقَّقُ بِهِ الْمَنْعُ بَعْدَ الطَّلَبِ فَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا كَانَ عَلَى الضَّارِب خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ بَدَلُ الْجَنِينِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ عُلِّقَ حُرَّ الْأَصْلِ، وَعَلَى الْأَبِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ لِلْمَوْلَى إنْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ عُشْرُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ أُنْثَى؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْتَحَقِّ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ، فَلَا يَغْرَمُ لَهُ الْأَبُ إلَّا بَدَلَ جَنِينِ الْأَمَةِ، وَإِنْ سَلِمَ لَهُ بَدَلُ جَنِينِ الْحُرَّةِ كَمَا لَوْ قُتِلَ بَعْدَ الِانْفِصَالِ.
(قَالَ:) وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ وَبَقِيَ الْوَلَدُ أَخَذَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهَا بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فِي حِصَّةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ قَدْ تَحَقَّقَ، وَذَلِكَ مُوجِبٌ ضَمَانَ الْقِيمَةِ عَلَى الْأَبِ فَيُسْتَوْفَى مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَضَاءُ دَيْنِ الْأَبِ لَا يَكُونُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ دُونَ الْبَعْضِ، فَلِهَذَا لَا يَرْجِعُونَ فِي حِصَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْأَبُ شَيْئًا لَمْ يُؤْخَذْ الْوَلَدُ بِشَيْءٍ كَمَا لَا يُؤْخَذُ بِسَائِرِ دُيُونِ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إنْ كَانَ مَوْلَى الْجَارِيَةِ عَمَّا لِلْوَلَدِ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْغُلَامِ هُنَا لَيْسَ بِاعْتِبَارِ الْقَرَابَةِ بَلْ بِالْغُرُورِ، فَإِنَّهُ عُلِّقَ حُرَّ الْأَصْلِ، وَالْعِتْقُ بِالْقَرَابَةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْعَمِّ فِيهِ، فَلِهَذَا كَانَ الْعَمُّ فِيهِ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا سَوَاءً.
(قَالَ:) وَإِنْ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى أَخَذَهَا الْمَوْلَى وَعُقْرَهَا وَالْجَوَابُ فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي غَرَّهُ غَيْرَ الْأَمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute