ذَلِكَ مِنْ الْجِمَاعِ فِي شَيْءٍ، وَثُبُوتُ حُكْمِ الْإِحْصَانِ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْجِمَاعِ، الرَّتْقَاءُ لَا تُحْصِنُ الرَّجُلَ لِانْعِدَامِ الْجِمَاعِ مَعَ الرَّتْقِ، وَلَا إحْصَانَ بِالْجِمَاعِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ عِبَارَةٌ عَنْ كَمَالِ الْحَالِ، فَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِوَطْءٍ هُوَ نِعْمَةٌ بَلْ نِهَايَةٌ فِي النِّعْمَةِ، حَتَّى لَا يَحْصُلَ بِالْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَالْوَطْءُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ حَرَامٌ، فَلَا يُوجِبُ الْإِحْصَانَ.
(قَالَ:) وَإِذَا دَخَلَ الْخُنْثَى بِامْرَأَتِهِ أَوْ دَخَلَ بِالْخُنْثَى زَوْجُهَا فَهُمَا مُحْصَنَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حُكِمَ بِكَوْنِهِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فَالْجِمَاعُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ تَحَقَّقَ بَيْنَهُمَا فَيَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ الْإِحْصَانِ.
(قَالَ:) وَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ بِامْرَأَتِهِ الْمُسْلِمَةِ ثُمَّ ارْتَدَّا - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - بَطَلَ إحْصَانُهُمَا؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُحْبِطُ الْعَمَلَ وَيَلْحَقُ الْمُرْتَدُّ بِمَنْ لَمْ يَزَلْ كَافِرًا، فَكَمَا أَنَّ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ لَا يَكُونُ مُحْصَنًا فَالْمُرْتَدُّ كَذَلِكَ.
فَإِنْ أَسْلَمَا جَمِيعًا لَمْ يَكُونَا مُحْصَنَيْنِ إلَّا بِجِمَاعٍ جَدِيدٍ بِمَنْزِلَةِ زَوْجَيْنِ حَرْبِيَّيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَسْلَمَا
وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ مَعَ امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ إذَا أَعْتَقَهَا لَمْ يَكُونَا مُحْصَنَيْنِ حَتَّى يُجَامِعَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ، فَإِنْ جَامَعَهَا فَهُمَا مُحْصَنَانِ عَلِمَا بِالْعِتْقِ أَوْ لَمْ يَعْلَمَا عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ لَهَا الْخِيَارُ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ، فَإِذَا جَامَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا فَقَدْ جَامَعَهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ بَعْدَمَا كَمُلَ حَالُهُمَا بِالْعِتْقِ فَكَانَا مُحْصَنَيْنِ.
(قَالَ:) وَإِذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الرَّجُلِ وَهُمَا يُنْكِرَانِ الدُّخُولَ فَهُمَا مُحْصَنَانِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ شَاهِدٌ عَلَى الدُّخُولِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ، فَإِذَا كَانَ الْإِحْصَانُ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ فَبِثُبُوتِ النَّسَبِ أَوْلَى، وَهَذَا لِأَنَّهُمَا مُكَذَّبَانِ فِي إنْكَارِهِمَا الدُّخُولَ شَرْعًا، وَالْمُكَذَّبُ شَرْعًا لَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُ.
(قَالَ:) وَإِذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ جَامَعَهَا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ثُمَّ فَارَقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَنْ يَصْدُقَهَا وَيَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ مِنْ أَمْرٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا وَهُوَ حِلُّهَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَلَا حَقَّ لِلزَّوْجِ الثَّانِي فِي ذَلِكَ، فَإِنْكَارُهُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ وُجُودًا وَعَدَمًا بِمَنْزِلَةٍ، وَكَذَلِكَ إنْ أَخَبَرهُ بِذَلِكَ ثِقَةٌ، وَلَوْ أَنْكَرَتْ الدُّخُولَ بَعْدَ إقْرَارِهَا وَقَدْ تَزَوَّجَهَا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ لَمْ تُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا مُنَاقِضَةٌ، وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِي فَارَقَهَا هُوَ الَّذِي أَقَرَّ بِالْجِمَاعِ وَلَمْ تُقِرَّ هِيَ لَمْ يَحِلَّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَلَا يُصَدَّقُ الزَّوْجُ الثَّانِي عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي حِلِّهَا وَحُرْمَتِهَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَلَا قَوْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَصْلًا، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ خَلَا بِهَا أَوْ لَمْ يَخْلُ بِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ مُحْصَنَةً بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ جَامَعَهَا إذَا أَنْكَرَتْ هِيَ، فَكَذَلِكَ لَا تَصِيرُ مُحَلَّلَةً لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ.
(قَالَ:) وَإِذَا قَالَتْ: طَلَّقَنِي زَوْجِي أَوْ مَاتَ عَنَى وَانْقَضَتْ عِدَّتِي حَلَّ لِخَاطِبِهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَيُصْدِقَهَا؛ لِأَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ مِنْ حَقِّ الشَّرْعِ وَكُلُّ مُسْلِمٍ أَمِينٌ مَقْبُولُ الْقَوْلِ فِيمَا هُوَ مِنْ حَقِّ الشَّرْعِ، إنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute