فَإِنَّ الْمَوْتَ مِنْهُ لِلنِّكَاحِ مُقَرِّرٌ لِإِحْكَامِهِ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهِنَّ كُلِّهِنَّ ثُمَّ قَالَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ عِنْدَ مَوْتِهِ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ هَؤُلَاءِ الْأُوَلُ فَهُوَ الْأُوَلُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَاخِرِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَمِمَّا سَمَّى لَهَا لِدُخُولِهِ بِهَا بِحُكْمِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَمُرَادُهُ بِهَذَا الْفَصْلِ أَنَّ دُخُولَهُ بِهِنَّ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْبَيَانِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَنْ دَخَلَ بِهَا أَوَّلًا؛ لِأَنَّ حَالَ الْفَرِيقَيْنِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: لَا أَدْرِي أَيَّتَهنَّ الْأُولَى حُجِبَ عَنْهُنَّ إلَّا عَنْ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ صَحَّ نِكَاحُهَا مِنْهُنَّ، وَنِكَاحُ الْوَاحِدَةِ صَحِيحٌ فَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَلَمْ يَتَيَقَّنْ مَنْ صَحَّ نِكَاحُهُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَيَكُونُ مَحْجُوبًا عَنْهُنَّ مُخَيَّرًا عَلَى أَنْ يُبَيِّنَ الْأَوَّلَ مِنْ الْآخِرَ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ فَفِي الْمَسْأَلَةِ بَيَانُ حُكْمِ الْمِيرَاثِ وَالْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ.
أَمَّا بَيَانُ حُكْمِ الْمَهْرِ إنَّ لِلْوَاحِدَةِ مَا سَمَّى لَهَا مِنْ الْمَهْرِ بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا صَحِيحٌ بِيَقِينٍ وَلِلثَّلَاثِ مَهْرٌ وَنِصْفٌ بَيْنَهُنَّ وَلِلثِّنْتَيْنِ مَهْرٌ وَاحِدٌ بَيْنَهُمَا عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلَيْنِ، فَإِنَّ أَصْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ اعْتِبَارُ الْجُمْلَةِ وَالتَّخْرِيجُ عَلَى ذَلِكَ فَنَقُولُ: أَكْثَرُ مَالِهِنَّ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ بِأَنْ يَكُونَ السَّابِقُ نِكَاحَ الثَّلَاثِ، وَأَقَلُّ مَالِهِنَّ مَهْرَانِ بِأَنْ يَكُونَ السَّابِقُ نِكَاحَ الْمَثْنَى، فَالتَّرَدُّدُ فِي مَهْرٍ وَاحِدٍ يَثْبُتُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيَتَنَصَّفُ، فَكَانَ لَهُنَّ مَهْرَانِ وَنِصْفٌ، ثُمَّ لَا خُصُومَةَ لِلثِّنْتَيْنِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرَيْنِ فَيُسَلِّمُ ذَلِكَ لِلثَّلَاثِ وَهُوَ نِصْفُ مَهْرٍ يَبْقَى مَهْرَانِ اسْتَوَتْ فِيهِ مُنَازَعَةُ الْفَرِيقَيْنِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَحْصُلُ لِلثَّلَاثِ مَهْرٌ وَنِصْفٌ وَلِلثِّنْتَيْنِ مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَأَصْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذَلِكَ اعْتِبَارُ الْأَحْوَالِ فِي حَقِّ كُلِّ فَرِيقٍ عَلَى حِدَةٍ فَيَقُولُ: أَمَّا الثَّلَاثُ فَإِنْ صَحَّ نِكَاحُهُنَّ فَلَهُنَّ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَلَا شَيْءَ لَهُنَّ، فَلَهُنَّ نِصْفُ ذَلِكَ وَهُوَ مَهْرٌ وَنِصْفٌ، وَأُمًّا الْمَثْنَى فَإِنْ صَحَّ نِكَاحُهُمَا فَلَهُمَا مَهْرَانِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا، فَلَهُمَا نِصْفُ ذَلِكَ وَنِكَاحُهُمَا يَصِحُّ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَلَهُمَا مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَأَمَّا حُكْمُ الْمِيرَاثِ فَنَقُولُ: لِلْوَاحِدَةِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ مِيرَاثِ النِّسَاءِ رُبُعًا كَانَ أَوْ ثُمُنًا؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِنْ صَحَّ نِكَاحُهَا مَعَ الثَّلَاثِ فَلَهَا رُبُعُ مِيرَاثِ النِّسَاءِ، وَإِنْ صَحَّ مَعَ الثِّنْتَيْنِ فَلَهَا ثُلُثٌ، وَالرُّبْعُ بِيَقِينٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ يَثْبُتُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيَتَنَصَّفُ، فَنَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبُعٌ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ ثُمَّ يَتَنَصَّفُ السَّهْمُ الزَّائِدُ عَلَى الرُّبْعِ إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ فَيَتَكَسَّرُ بِالْأَنْصَافِ فَيُضَعَّفُ الْحِسَابُ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ.
فَإِنْ صَحَّ نِكَاحُهَا مَعَ الثَّلَاثِ فَلَهَا سِتَّةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَإِنْ صَحَّ نِكَاحُهَا مَعَ الْمَثْنَى فَلَهَا ثَمَانِيَةٌ فَالتَّرَدُّدُ فِي سَهْمَيْنِ فَيَثْبُتُ أَحَدُهُمَا وَيَسْقُطُ الْآخَرُ فَكَانَ لَهَا سَبْعَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute