وَعِشْرِينَ وَمَا بَقِيَ وَهُوَ سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ الْآخَرَيْنِ نِصْفَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمَثْنَى مِنْ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ وَلِلثَّلَاثِ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ، وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ السَّهْمَ الزَّائِدَ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ لَا مُنَازَعَةَ فِيهِ لِلْمَثْنَى؛ لِأَنَّهُ إنْ صَحَّ نِكَاحُهُمَا فَلَهُمَا ثُلُثَا الْمِيرَاثِ سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَيُسَلَّمُ ذَلِكَ السَّهْمُ لِلثَّلَاثِ، وَقَدْ اسْتَوَتْ مُنَازَعَةُ الْفَرِيقَيْنِ فِي سِتَّةَ عَشَرَ فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ يُعْتَبَرُ حَالُ كُلِّ فَرِيقٍ فَنَقُولُ: إنْ صَحَّ نِكَاحُ الثَّلَاثِ فَلَهُنَّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَلَا شَيْءَ لَهُنَّ فَلَهُنَّ نِصْفُ ذَلِكَ وَهُوَ تِسْعَةٌ، وَإِنْ صَحَّ نِكَاحُ الْمَثْنَى فَلَهُمَا ثُلُثَا الْمِيرَاثِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا فَلَهُمَا نِصْفُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: مَا بَقِيَ مِنْ مِيرَاثِ النِّسَاءِ بَعْدَ مَا أَخَذَتْ الْوَاحِدَةُ نَصِيبَهَا بِمَنْزِلَةِ جَمِيعِ مِيرَاثِ النِّسَاءِ إنْ لَوْ لَمْ تَكُنْ الْوَاحِدَةُ أَصْلًا، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْوَاحِدَةُ أَصْلًا كَانَ جَمِيعُ مِيرَاثِ النِّسَاءِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَيْنِ، فَكَذَلِكَ مَا بَقِيَ، وَهَذَا لِأَنَّ عِلَّةَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي حَقِّ الْفَرِيقَيْنِ سَوَاءٌ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَحِقٌّ إذَا كَانَ سَابِقًا، مَحْرُومٌ إذَا كَانَ مَسْبُوقًا، وَقَوْلُهُمَا إنَّ الْمَثْنَى لَا يَدَّعِيَانِ السَّهْمَ الْوَاحِدَ، فَإِنَّمَا لَا يَدَّعِيَانِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ اسْتِحْقَاقِ الْوَاحِدَةِ لِذَلِكَ السَّهْمِ، فَأَمَّا بِدُونِ اسْتِحْقَاقِهِمَا فَهُمَا يَدَّعِيَانِ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ وَقَدْ خَرَجَ ذَلِكَ السَّهْمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَقًّا لِلْوَاحِدَةِ فَكَانَ دَعْوَاهُمَا دَعْوَى الثَّلَاثِ فِي اسْتِحْقَاقِ مَا فَرَغَ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْوَاحِدَةِ سَوَاءً، فَلِهَذَا قُسِمَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَيْنِ.
(قَالَ:) وَعَلَيْهِنَّ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ احْتِيَاطًا لِمَا قُلْنَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهِنَّ كُلِّهِنَّ، وَلَا يَعْرِفُ الْأَوَّلَ وَالْآخِرَ فَعَلَى الثَّلَاثِ وَالثِّنْتَيْنِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَالْحَيْضُ جَمِيعًا عَلَى مَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا تَسْتَكْمِلُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَ حِيَضٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَجْهٍ عَلَيْهِنَّ عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَهُوَ مَا إذَا صَحَّ نِكَاحُهُنَّ، وَمِنْ وَجْهٍ الْحَيْضُ وَهُوَ مَا إذَا فَسَدَ نِكَاحُهُنَّ فَتَجِبُ الْعِدَّةُ بِالْحَيْضِ لِأَجْلِ الدُّخُولِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا، فَأَمَّا عَلَى الْوَاحِدَةِ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا حَيْضَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا صَحِيحٌ بِيَقِينٍ ثُمَّ إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ وَالثِّنْتَيْنِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَنِصْفُ الْفَضْلِ إلَى تَمَامِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ فِي وُجُوبِ الْأَقَلِّ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ إمَّا بِالْعَقْدِ أَوْ بِالدُّخُولِ يَقِينًا مَا زَادَ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ الْمُسَمَّى تَسْتَحِقُّهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ إنْ صَحَّ نِكَاحُهَا، وَنِكَاحُهَا يَصِحُّ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، فَلِهَذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ حَيًّا فَجَامَعَ امْرَأَةً مِنْهُنَّ أَوْ طَلَّقَهَا أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا كَانَ هَذَا إقْرَارًا مِنْهُ بِأَنَّهَا، وَمَنْ مَعَهَا الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ تَارَةً يَحْصُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute