بِالتَّصْرِيحِ وَتَارَةً بِالدَّلِيلِ فَإِقْدَامُهُ عَلَى الظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ فِي إحْدَاهُنَّ بَيَانٌ مِنْهُ أَنَّ نِكَاحَهَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ مَا بَاشَرَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ مُخْتَصٌّ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَكَذَلِكَ إنْ جَامَعَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُسْلِمِ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَالْحِلِّ مَا أَمْكَنَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ وَطْؤُهُ إيَّاهَا حَلَالًا إذَا كَانَ صَحَّ نِكَاحُهَا، فَلِهَذَا كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيَانِ مِنْهُ أَنَّ السَّابِقَ عَقْدُهَا.
(قَالَ:) وَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الثَّلَاثِ أُمَّ إحْدَى الثِّنْتَيْنِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِشَيْءٍ مِنْهُنَّ فَالْجَوَابُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ نِكَاحُ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَهُوَ السَّابِقُ مِنْهُمَا، وَفِي هَذَا لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
(قَالَ:) وَلَوْ كَانَ مَعَ الثَّلَاثِ أَمَةٌ كَانَ نِكَاحُ الْأَمَةِ فَاسِدًا عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَقَدَّمَ هَذَا الْعَقْدُ فَنِكَاحُ الْحَرَائِرِ بِهَذَا الْعَقْدِ صَحِيحٌ، وَمَتَى صَحَّ نِكَاحُ الْحَرَائِرِ بَطَلَ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْمَضْمُومَةِ إلَيْهِنَّ، وَإِنْ تَأَخَّرَ نِكَاحُهُنَّ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَلِهَذَا كَانَ نِكَاحُ الْأَمَةِ فَاسِدًا عَلَى كُلِّ حَالٍ.
(قَالَ:) وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ إحْدَى الثِّنْتَيْنِ أَمَةً فَنِكَاحُهَا فَاسِدٌ بِيَقِينٍ لِمَا قُلْنَا، فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهِنَّ وَقَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ الْأُولَى مِنْهُنَّ وَإِحْدَى الثَّلَاثِ أَمَةٌ وَإِحْدَى الثِّنْتَيْنِ أَمَةٌ فَنِكَاحُ الْأَمَتَيْنِ فَاسِدٌ وَنِكَاحُ الْحَرَائِرِ كُلِّهِنَّ جَائِزٌ، أَمَّا فَسَادُ نِكَاحِ الْأَمَتَيْنِ لِمَا قُلْنَا، وَعِنْدَ فَسَادِ نِكَاحِهِمَا الْحَرَائِرُ أَرْبَعٌ فَيَجُوزُ نِكَاحُهُنَّ، الْمُتَقَدِّمُ وَالْمُتَأَخِّرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الثَّلَاثِ أَمَةً وَالثِّنْتَانِ حُرَّتَانِ وَقَدْ تَزَوَّجَ الْوَاحِدَةَ الْحُرَّةَ قَبْلَهُنَّ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَنِكَاحُ الْأَمَةِ فَاسِدٌ لِعِلْمِنَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى حُرَّةٍ، وَنِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ فَاسِدٌ، وَلِلْحُرَّةِ الْمُنْفَرِدَةِ الْمَهْرُ وَثُلُثُ مِيرَاثِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا صَحِيحٌ بِيَقِينٍ، وَإِنَّمَا يُزَاحِمُهَا فِي الْمِيرَاثِ امْرَأَتَانِ، أَمَّا الْمُنْفَرِدَتَانِ أَوْ اللَّتَانِ كَانَتَا مَعَ الْأَمَةِ فَلَهَا ثُلُثُ مِيرَاثِ النِّسَاءِ، وَلِكُلِّ حُرَّتَيْنِ نِصْفُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمِيرَاثِ لِاسْتِوَاءِ حَالِ الْفَرِيقَيْنِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ كُلَّ فَرِيقٍ إنْ تَقَدَّمَ نِكَاحُهَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ لَا، وَيَكُونُ لِلْفَرِيقَيْنِ مَهْرَانِ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ لِاسْتِوَاءِ حَالِ الْفَرِيقَيْنِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَهْرَيْنِ عَلَى مَا قُلْنَا.
(قَالَ:) وَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الثِّنْتَيْنِ أَمَةً وَالثَّلَاثُ حَرَائِرُ، وَلَا يَعْلَمُ أَيَّ النِّسَاءِ تَزَوَّجَ أَوَّلًا فَنِكَاحُ الْأَمَةِ فَاسِدٌ لِلتَّيَقُّنِ بِضَمِّهَا إلَى الْحُرَّةِ، وَالْمِيرَاثُ بَيْنَ الْحَرَائِرِ الْخَمْسِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِلثَّلَاثِ مِنْ ذَلِكَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ وَلِلْمُنْفَرِدَتَيْنِ نِ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ، وَهَذَا فِي الْحُكْمِ كَرَجُلٍ تَزَوَّجَ ثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ، وَوَاحِدَةً فِي عُقْدَةٍ، وَوَاحِدَةً فِي عُقْدَةٍ، وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهُنَّ أَوَّلُ، بَلْ هِيَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا، وَوَجْهُ التَّخْرِيجِ أَنَّ الثَّلَاثَ إنْ صَحَّ نِكَاحُهُنَّ بِأَنْ تَقَدَّمَ أَوْ كَانَ بَعْدَ الْوَاحِدَةِ مِنْ الْمُنْفَرِدَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مِيرَاثِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ مَعَهُنَّ نِكَاحَ الْوَاحِدَةِ مِنْ الْمُنْفَرِدَتَيْنِ سَابِقًا أَوْ مُتَأَخِّرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute