سَبَبَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْعَقْدُ الصَّحِيحُ، وَالْآخَرُ الْوَاطِئُ بِالشُّبْهَةِ، وَلَمْ يَظْهَرْ السَّبَبَانِ إنَّمَا الظَّاهِرُ سَبَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْعَقْدُ الصَّحِيحُ، فَأَمَّا الْوَطْءُ تَصَرُّفٌ فِي الْمِلْكِ بَعْدَهُ وَبِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ لَا يَجِبُ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ، فَلِهَذَا كَانَ لَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثُ حِيَضٍ لِدُخُولِهِ بِهِنَّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِالْأُمِّ وَدَخَلَ بِالْبِنْتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا فَلِلْأُمِّ نِصْفُ الْمُسَمَّى لِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ بَعْدَ صِحَّةِ نِكَاحِهَا، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلِلْمَدْخُولِ بِهَا مِنْ الْبِنْتَيْنِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ.
(قَالَ:) وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقَدٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِشَيْءٍ مِنْهُنَّ حَتَّى قَالَ: إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ، فَهَذَا الْكَلَامُ لَغْوٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ السَّابِقَ مِنْهُنَّ امْرَأَتُهُ وَالْأُخْرَيَانِ أَجْنَبِيَّتَانِ، وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّتَيْنِ وَقَالَ: إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ.
(قَالَ:) وَإِنْ قَالَ: إحْدَى نِسَائِهِ طَالِقٌ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى امْرَأَتِهِ، فَإِنَّ فِي نِكَاحِهِ امْرَأَةً وَاحِدَةً، وَمَنْ كَانَ فِي نِكَاحِهِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا قَالَ: إحْدَى نِسَائِي طَالِقٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ اللَّفْظِ عَلَى امْرَأَتِهِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ هُنَاكَ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى إحْدَى الْمُعَيَّنَاتِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا، وَفِيهِنَّ مَنْ لَيْسَتْ بِمَنْكُوحَةٍ لَهُ، فَلَا تَتَعَيَّنُ امْرَأَتُهُ لِذَلِكَ الطَّلَاقِ، وَإِذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ ثُمَّ الْخِلَافُ فِي نِصْفِ الْمَهْرِ هُنَا كَالْخِلَافِ فِي جَمِيعِ الْمَهْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَلَا مِيرَاثَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ.
(قَالَ:) وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَ الْبِنْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ قَالَ: إحْدَى نِسَائِي طَالِقٌ طَلُقَتْ الْأُمُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ نِكَاحُ الْأُمِّ وَهُوَ بِهَذَا اللَّفْظِ مُوقِعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَنْ صَحَّ النِّكَاحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَلِهَذَا طَلُقَتْ الْأُمُّ وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا، وَإِنْ قَالَ: إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَى الْأُمِّ إلَّا أَنْ يَنُوبَهَا؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّتَيْنِ وَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى إحْدَاهُنَّ، فَلَا يَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ امْرَأَتُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا بِقَلْبِهِ، وَلَوْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَنِكَاحُهُنَّ فَاسِدٌ بِعِلَّةِ الْجَمْعِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ أَمَةٌ جَازَ نِكَاحُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْحُرَّتَيْنِ مِنْهُنَّ بَاطِلٌ بِيَقِينٍ، فَإِنَّ الْحُرَّتَيْنِ إنْ كَانَتَا ابْنَتَيْنِ بَطَلَ نِكَاحُهُمَا لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتَا أُمًّا وَبِنْتًا بَطَلَ نِكَاحُهُمَا لِلْجَمْعِ أَيْضًا، وَمَتَى كَانَ نِكَاحُ الْحُرَّتَيْنِ بَاطِلًا بِيَقِينٍ لَا يَبْطُلُ بِهِ نِكَاحُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ نِكَاحِ الْأَمَةِ بِضَمِّهَا إلَى الْحُرَّةِ، وَذَلِكَ عِنْدَ صِحَّةِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ لَا عِنْدَ بُطْلَانِ نِكَاحِهَا.
(قَالَ:) وَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ أَمَتَانِ جَازَ نِكَاحُ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَمَتَيْنِ بَاطِلٌ بِيَقِينٍ، فَإِنَّهُمَا إمَّا أُخْتَانِ أَوْ أُمٌّ وَبِنْتٌ، وَإِذَا بَطَلَ نِكَاحُهُمَا كَانَ ضَمُّهُمَا إلَى الْحُرَّةِ لَغْوًا فَجَازَ نِكَاحُ الْحُرَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute