للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَتْ اثْنَتَانِ مِنْهُمَا ذَوَاتَيْ زَوْجٍ أَوْ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجٍ، وَلَمَّا بَطَلَ نِكَاحُهُمَا صَحَّ نِكَاحُ الْفَارِغَةِ مِنْهُنَّ.

(قَالَ:) وَإِنْ تَزَوَّجَ خَمْسَ حَرَائِرَ وَأَرْبَعَ إمَاءٍ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ وَبَطَلَ نِكَاحُ الْحَرَائِرِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْحَرَائِرِ لَوْ انْفَرَدَ كَانَ بَاطِلًا، وَلَوْ انْفَرَدَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ كَانَ صَحِيحًا، فَعِنْدَ الْجَمْعِ يَصِحُّ نِكَاحُ مَنْ يَصِحُّ نِكَاحُهُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَبِمِثْلِهِ لَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعَ إمَاءٍ وَأَرْبَعَ حَرَائِرَ فِي عُقْدَةٍ جَازَ نِكَاحُ الْحَرَائِرِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْحَرَائِرِ وَلَوْ انْفَرَدَ هُنَا كَانَ صَحِيحًا فَيَنْدَفِعُ بِنِكَاحِهِنَّ نِكَاحُ الْإِمَاءِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ حُرَّةً وَأَمَةً فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْأَصْلُ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ الْمَسَائِلُ أَنَّهُ مَتَى جَمَعَ فِي الْعَقْدِ بَيْنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ نِكَاحُ الْحُرَّةِ يَجُوزُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ يَبْطُلُ نِكَاحُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ ضَمُّهَا إلَى الْحُرَّةِ فِي النِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَ نِكَاحُ الْحُرَّةِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ يَصِحُّ نِكَاحُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ انْضِمَامُهَا إلَى الْحُرَّةِ فِي النِّكَاحِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحُرَّةَ لَوْ كَانَتْ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَجَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَمَةٍ فِي النِّكَاحِ جَازَ نِكَاحُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ ضَمُّهَا إلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ حِينَ لَا وَجْهَ لِتَصْحِيحِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ.

(قَالَ:) وَإِنْ تَزَوَّجَ حُرَّةً وَأَمَةً فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِحْدَاهُمَا بِنْتُ الْأُخْرَى جَازَ نِكَاحُ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ لَوْ انْفَرَدَ نِكَاحُهَا هُنَا يَصِحُّ فَيَتَحَقَّقُ ضَمُّ الْأَمَةِ إلَى الْحُرَّةِ، فَلِهَذَا جَازَ نِكَاحُ الْحُرَّةِ دُونَ الْأَمَةِ.

(قَالَ:) وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَتَزَوَّجَ خَامِسَةً وَدَخَلَ بِهَا فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِبُطْلَانِ نِكَاحِهَا وَعَلَيْهِ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى، وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَمْ يَقْرَبْ الْأَرْبَعَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْخَامِسَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَرِبَهُنَّ كَانَ جَامِعًا مَاءَهُ فِي رَحِمِ خَمْسِ نِسْوَةٍ بِالنِّكَاحِ، وَلِأَنَّ عِدَّةَ تِلْكَ الْوَاحِدَةِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ نِكَاحِ الْأَرْبَعِ إذَا اقْتَرَنَ بِنِكَاحِهِنَّ فَيَمْنَعُ الْوَطْءَ إذَا طَرَأَ عَلَى نِكَاحِهِنَّ، كَعِدَّةِ الْأُخْتِ لَمَّا مَنَعَتْ نِكَاحَ الْأُخْتِ إذَا اقْتَرَنَتْ بِهِ مَنَعَتْ الْوَطْءَ إذَا طَرَأَتْ عَلَيْهِ، حَتَّى إذَا وَطِئَ أُخْتَ امْرَأَتِهِ بِشُبْهَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ أُخْتِهَا.

(قَالَ:) وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ أُخْتَ أُمِّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّ فِرَاشَ أُمِّ الْوَلَدِ ضَعِيفٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ مُجَوِّزٌ لِلنَّسَبِ غَيْرُ مُلْزِمٍ، حَتَّى لَوْ نَفَى الْمَوْلَى وَلَدَهُ انْتَفَى بِمُجَرَّدِ نَفْيِهِ، وَالنِّكَاحُ قَوِيٌّ مُلْزِمٌ بِنَفْسِهِ، وَالضَّعِيفُ لَا يَكُونُ دَافِعًا لِلْقَوِيِّ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَوْلَى لَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا، فَكَمَا أَنَّ فِرَاشَهَا لِضَعْفِهِ لَا يَمْنَعُ تَزْوِيجَهَا، فَكَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمَوْلَى نِكَاحَ أُخْتِهَا اعْتِبَارًا لِلْمَنْعِ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بِالْمَنْعِ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَ مُدَبَّرَتِهِ أَوْ أُخْتَ أَمَةٍ لَهُ قَدْ كَانَ يَطَؤُهَا، وَهَذَا أَظْهَرُ فَإِنَّهُ لَا فِرَاشَ لَهُمَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَطَأَ الَّتِي تَزَوَّجَ حَتَّى يَمْلِكَ فَرْجَ الْأَمَةِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا صَارَ جَامِعًا مَاءَهُ فِي رَحِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>