للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَكُونَا بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدَيْنِ يُخْبِرَانِ أَنَّهُمَا قَدْ عَلِمَا ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَوْ شَهِدَا عِنْدَهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ يَثْبُتُ يَسَارُهُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَخْبَرَاهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِلْمُ الْقَاضِي وَيَحْصُلُ لَهُ عِلْمٌ بِخَبَرِهِمَا كَمَا يَحْصُلُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ أَخْبَرَا أَنَّهُمَا عَلِمَا ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ رَاوٍ لَمْ يُؤْخَذْ بِقَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مَا أَخْبَرَاهُ عَنْ عِلْمٍ وَإِنَّمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ ظَنٍّ، أَوْ عَنْ خَبَرِ مَنْ يُعْتَمَدُ خَبَرُهُ، وَالْخَبَرُ إذَا تَدَاوَلَتْهُ الْأَلْسِنَةُ تَتَمَكَّنُ فِيهِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ عَادَةً فَلِهَذَا لَا يُعْتَمَدُ مِثْلُ هَذَا الْخَبَرِ.

(قَالَ:) وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مُوسِرٌ وَأَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ أُخِذَ بِبَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَلِأَنَّ شُهُودَ الزَّوْجِ اعْتَمَدُوا فِي شَهَادَتِهِمْ مَا هُوَ الْأَصْلُ وَشُهُودُ الْمَرْأَةِ عَرَفُوا الْغِنَى الْعَارِضَ فَلِهَذَا يُفْرَضُ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ.

(قَالَ:) وَإِذَا كَانَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَقَالَ اُحْسُبُوا لَهَا نَفَقَتَهَا مِنْهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي الْبَابِ أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ لَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ فَإِذَا الْتَقَى الدَّيْنَانِ تَسَاوَيَا قِصَاصًا، أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُقَاصَّ بِمَهْرِهَا فَالنَّفَقَةُ أَوْلَى

(قَالَ:) وَإِذَا فُرِضَتْ النَّفَقَةُ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا وَلَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَهْرِهَا فَأَعْطَاهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ الزَّوْجُ هُوَ مِنْ الْمَهْرِ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بَلْ هُوَ مِنْ النَّفَقَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي جَمِيعِ قَضَاءِ الدُّيُونِ إذَا كَانَ مِنْ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُمَلِّكُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي بَيَانِ جِهَةِ التَّمْلِيكِ وَهُوَ الْمُحْتَاجُ إلَى تَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ تَفْرُغُ ذِمَّتُهُ بِهَذَا الْأَدَاءِ مِنْ كَذَا دُونَ كَذَا.

(قَالَ:) وَإِذَا اخْتَلَفَا فِيمَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ، أَوْ الْحُكْمُ بِهِ مِنْ النَّفَقَةِ فِي الْجِنْسِ أَوْ الْقَدْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ الزِّيَادَةَ فَتَحْتَاجُ إلَى الْإِثْبَاتِ بِالْبَيِّنَةِ، وَالزَّوْجُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ لَا يَكْفِيهَا بَلَغَ بِهَا الْكِفَايَةَ فِي الْمُؤْتَنَفِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْكِفَايَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا قَضَى بِهِ الْقَاضِي أَوَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَا يَكْفِيهَا فَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِمَا يَكْفِيهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَكَذَلِكَ مَا أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ

(قَالَ:) وَلَوْ أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ كُلَّ شَهْرٍ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكَفِيلِ إلَّا شَهْرٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ كَلِمَةَ كُلٍّ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ مُنْتَهَاهُ فَيَتَنَاوَلُ الْأَدْنَى كَمَنْ يَقُولُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَأَصْلُهُ فِي الْإِجَارَةِ إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا لِكُلِّ شَهْرٍ كَانَ لُزُومُ الْعَقْدِ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّهُ كَفِيلٌ بِنَفَقَتِهَا مَا عَاشَتْ وَبَقِيَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا اسْتِحْسَانًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُرْفِ الظَّاهِرِ وَلِأَنَّ قَصْدَ الْمَرْأَةِ التَّوَثُّقُ بِهَذَا الْجِنْسِ مِنْ حَقِّهَا، فَكَأَنَّ الْكَفِيلَ صَرَّحَ لَهَا بِمَا هُوَ مَقْصُودُهَا فَقَالَ: فِي كَفَالَتِهِ أَبَدًا، أَوْ مَا عَاشَتْ وَهُنَاكَ يَثْبُتُ حُكْمُ الْكَفَالَةِ بِهَذَا الْجِنْسِ مِنْ حَقِّهَا عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>