للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لِابْنِ الْعَمِّ، وَكَذَلِكَ كُلُّ عَصَبَةٍ لَيْسَ بِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ عَصَبَةٌ فِي حَقِّ الْمِيرَاثِ وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ مَنْ لَيْسَ بِمُجَرَّدٍ مِنْ الْأَقَارِبِ

(قَالَ:) وَيُؤْمَرُ الْمُوسِرُ وَالْوَسَطُ لِوَلَدِهِ إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ بِخَادِمٍ، فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِمْ فَخَادِمَانِ يَقُومَانِ عَلَيْهِمْ فِي خِدْمَتِهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ كِفَايَتِهِمْ فَتَكُونُ عَلَى الْأَبِ كَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ إلَّا أَنَّ الْمُعْسِرَ عَاجِزٌ عَنْ ذَلِكَ وَالتَّكْلِيفُ بِحَسَبِ الْوُسْعِ فَأَمَّا الْمُوسِرُ وَوَسَطُ الْحَالِ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَيُؤْمَرُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا تَقَعُ بِهِ الْكِفَايَةُ.

(قَالَ) فَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ فَلِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَلَدَ مِنْهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا لَمْ تَتَزَوَّجِي» فَإِنَّمَا جَعَلَ الْحَقَّ لَهَا إلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ وَحُكْمُ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهَا لَمَّا تَزَوَّجَتْ فَقَدْ اشْتَغَلَتْ بِخِدْمَةِ زَوْجِهَا فَلَا تَتَفَرَّغُ لِتَرْبِيَةِ الْوَلَدِ وَالْوَلَدُ فِي الْعَادَةِ يَلْحَقُهُ الْجَفَاءُ وَالْمَذَلَّةُ مِنْ زَوْجِ الْأُمِّ فَكَانَ لِلْأَبِ أَنْ لَا يَرْضَى بِذَلِكَ فَيَأْخُذَ الْوَلَدَ مِنْهَا. (قَالَ:) وَأُمُّ الْأُمِّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحَضَانَةِ بِسَبَبِ الْأُمُومَةِ وَهِيَ أُمٌّ تُدْلِي بِأُمٍّ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ أُمِّ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِقَرَابَةِ الْأَبِ، وَقَرَابَةُ الْأُمِّ فِي الْحَضَانَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى قَرَابَةِ الْأَبِ. (قَالَ:) وَيَسْتَوِي إنْ كَانَتْ الْأُمُّ مُسْلِمَةً، أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحَضَانَةِ لَهَا لِلشَّفَقَةِ عَلَى الْوَلَدِ وَلَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ عَلَى مَا قِيلَ: كُلُّ شَيْءٍ يُحِبُّ وَلَدَهُ حَتَّى الْحُبَارَى. وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ يَقُولُ: إذَا كَانَتْ كَافِرَةً فَعَقَلَ الْوَلَدُ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهَا جَارِيَةً كَانَتْ، أَوْ غُلَامًا؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ الْأَبِ وَإِنَّهَا تُعَلِّمُهَا الْكُفْرَ فَلَا تُؤْمَنُ مِنْ الْفِتْنَةِ إذَا تُرِكَتْ عِنْدَهَا فَلِهَذَا تُؤْخَذُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لِأُمِّ الْأُمِّ زَوْجٌ نَظَرْنَا، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا جَدُّ الْوَلَدِ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّ جَدَّ الْوَلَدِ يَكُونُ مُشْفِقًا عَلَيْهِ وَلَا يَلْحَقُهُ الْأَذَى وَالْجَفَاءُ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَلَدِ كَالْأُمِّ إذَا تَزَوَّجَتْ أَجْنَبِيًّا. (قَالَ:) وَأُمُّ الْأَبِ بَعْدَهَا أَحَقُّ بِهِمْ عِنْدَنَا وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ، أَوْ مِنْ الْأُمِّ، أَوْ الْخَالَةُ أَحَقُّ مِنْ الْجَدَّةِ أَمِّ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِقَرَابَةِ الْأَبِ، وَمَنْ سَمَّيْنَا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ. وَاسْتِحْقَاقُ الْحَضَانَةِ بِاعْتِبَارِ قَرَابَةِ الْأُمِّ. وَلَكِنَّا نَقُولُ هَذِهِ أُمٌّ فِي نَفْسِهَا كَأُمِّ الْأُمِّ، وَالْأُمُّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا فِي الْحَضَانَةِ، ثُمَّ أَصْلُ الشَّفَقَةِ بِاعْتِبَارِ الْوِلَادِ وَذَلِكَ لِلْجَدَّاتِ دُونَ الْأَخَوَاتِ وَالْخَالَاتِ فَلِهَذَا كَانَتْ أُمُّ الْأَبِ أَحَقُّ، وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا جَدُّ الْوَلَدِ، فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا أَجْنَبِيًّا، أَوْ كَانَتْ هِيَ مَيِّتَةً فَحَقُّ الْحَضَانَةِ إلَى الْأَخَوَاتِ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ لِأُمٍّ. وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُمَا مُسْتَوِيَتَانِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ هَذَا الْحَقِّ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَهُمَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>