للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَلِلْحُرَّةِ الثُّلُثَانِ مِنْ الْقَسْمِ وَلِلْأَمَةِ الثُّلُثُ، وَلِأَنَّ حِلَّ الْأَمَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ حِلِّ الْحُرَّةِ، وَاسْتِحْقَاقُ الْقَسْمِ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ، وَالرِّقُّ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ قَائِمٌ.

(قَالَ:)، وَإِنْ سَافَرَ الرَّجُلُ مَعَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ لِحَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَلَمَّا قَدِمَ طَالَبَتْهُ الثَّانِيَةُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا مِثْلَ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا مَعَ الْأُخْرَى فِي السَّفَرِ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ وَلَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ بِأَيَّامِ سَفَرِهِ مَعَ الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ وَلَكِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْعَدْلَ بَيْنَهُنَّ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي فَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِأَيَّتِهِمَا مِنْ غَيْرِ إقْرَاعٍ بَيْنَهُمَا عِنْدَنَا. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَأَصَابَتْنِي الْقُرْعَةُ فِي السَّفْرَةِ الَّتِي أَصَابَنِي فِيهَا مَا أَصَابَنِي». وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَرْأَةِ فِي الْقَسْمِ عِنْدَ سَفَرِ الزَّوْجِ، أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ وَلَا يَسْتَصْحِبَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي حَالَةِ السَّفَرِ وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَطْبِيبًا لِقُلُوبِهِنَّ وَنَفْيًا لِتُهْمَةِ الْمَيْلِ عَنْ نَفْسِهِ، وَبِهِ نَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لِلزَّوْجِ، ثُمَّ إذَا سَافَرَ بِبَعْضِهِنَّ لَيْسَ لِلْبَاقِينَ بَعْدَ الرُّجُوعِ الِاحْتِسَابُ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْمُدَّةِ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ سَافَرَ بِبَعْضِهِنَّ بِغَيْرِ اقْتِرَاعٍ فَذَلِكَ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ فِي حَقِّ الْأُخْرَى بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْإِقْرَاعَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَانَتْ مُدَّةُ سَفَرِهِ نَوْبَةَ الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْأُخْرَى مِثْلُ ذَلِكَ لِيَتَحَقَّقَ الْعَدْلُ، وَلَكِنَّا نَقُولُ وُجُوبُ التَّسْوِيَةِ فِي وَقْتِ اسْتِحْقَاقِ الْقَسْمِ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَرْأَةِ فِي الْقَسْمِ فِي حَالِ سَفَرِ الزَّوْجِ فَلَا يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّسْوِيَةِ بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْمُدَّةِ كَمَا إذَا سَافَرَ بِهَا بِالْقُرْعَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي حَالَةِ الْحَضَرِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْبِدَايَةُ بِإِقْرَاعٍ، أَوْ بِغَيْرِ إقْرَاعٍ، فَكَذَلِكَ فِي السَّفَرِ.

(قَالَ:) وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا شَهْرًا، ثُمَّ خَاصَمَتْهُ الْأُخْرَى فِي ذَلِكَ قُضِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْعَدْلَ بَيْنَهُمَا وَمَا مَضَى فَهُوَ هَدَرٌ، غَيْرَ أَنَّهُ هُوَ فِيهِ آثِمٌ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَكُونُ بَعْدَ الطَّلَبِ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَمَا مَضَى قَبْلَ الطَّلَبِ لَيْسَ مِنْ الْقِسْمَةِ فِي شَيْءٍ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْعَدْلُ فِي الْقِسْمَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَا مَضَى قَبْلَ نِكَاحِ إحْدَاهُمَا لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الَّتِي جَدَّدَ نِكَاحَهَا، فَكَذَلِكَ مَا مَضَى قَبْلَ طَلَبِهَا.

(قَالَ:) فَإِنْ عَادَ إلَى الْجَوْرِ بَعْدَ مَا نَهَاهُ الْقَاضِي أَوْجَعَهُ عُقُوبَةً وَأَمَرَهُ بِالْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ أَسَاءَ الْأَدَبَ فِيمَا صَنَعَ وَارْتَكَبَ مَا هُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَهُوَ الْجَوْرُ فَيُعَزَّرُ فِي ذَلِكَ وَيُؤْمَرُ بِالْعَدْلِ.

(قَالَ:) وَلَوْ كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَةٌ فَدَخَلَتْ فِي سِنِّهَا أَيْ كَبِرَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>