للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهَا شَابَّةً فَطَلَبَتْ أَنْ يُمْسِكَهَا وَيَتَزَوَّجَ بِالْأُخْرَى وَيُقِيمَ عِنْدَ الَّتِي تَزَوَّجَ أَيَّامًا وَيُقِيمَ عِنْدَهَا يَوْمًا فَتَزَوَّجَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ كَانَ جَائِزًا لَا بَأْسَ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {، وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا، أَوْ إعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [النساء: ١٢٨] قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي هَذَا. وَبَلَغَنَا «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِسَوْدَةِ بِنْتِ زَمْعَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حِينَ طَعَنَتْ فِي السِّنِّ: اعْتَدِّي فَسَأَلَتْهُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُرَاجِعَهَا وَيَجْعَلَ يَوْمَ نَوْبَتِهَا لِعَائِشَةَ؛ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لِكَيْ تُحْشَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَضِيَ عَنْهُنَّ فَفَعَلَ.» (قَالَ:) وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ عِنْد إحْدَى امْرَأَتَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا يُقِيمُ عِنْدَ الْأُخْرَى إذَا أَذِنَتْ لَهُ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ فِي مَقَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِإِذْنِهِنَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} [النساء: ١٢٩] قَالَ: هَذَا فِي الْحُبِّ فَأَمَّا فِي الْقَسْمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ وَلَا يُفَضِّلَ إحْدَاهُمَا، إلَّا بِإِذْنِ الْأُخْرَى وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْله تَعَالَى {، وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: ١٢٨] مِثْلُ قَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الَّتِي رَضِيَتْ أَسْقَطَتْ حَقَّ نَفْسِهَا وَهِيَ مِنْ أَهْلِ أَنْ تُسْقِطَ حَقَّهَا، إلَّا أَنَّ هَذَا الرِّضَا لَيْسَ يُلْزِمُهَا شَيْئًا حَتَّى إذَا أَرَادَتْ أَنْ تَرْجِعَ وَتُطَالِبَ بِالْعَدْلِ فِي الْقَسْمِ فَلَهَا ذَلِكَ.

(قَالَ:) وَاذَا أَقَامَ عِنْدَ امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ يَوْمًا، ثُمَّ أُعْتِقَتْ لَمْ يُقِمْ عِنْدَ الْحُرَّةِ الْأُخْرَى، إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَقَةَ اسْتَوَتْ بِالْحُرَّةِ فِي السَّبَبِ فَعَلَيْهِ مُرَاعَاةُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْقَسْم وَتُجْعَلُ حُرِّيَّتُهَا عِنْدَ انْتِهَاءِ النَّوْبَةِ إلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ حُرِّيَّتِهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ النَّوْبَةِ وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْحُرَّةِ يَوْمًا، ثُمَّ أَعْتَقَتْ تَحَوَّلَ عَنْهَا إلَى الْمُعْتَقَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ اسْتَوَتْ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ الْحُرَّةَ بِشَيْءٍ بَعْدَ مَا اسْتَوَتْ الْمُعْتَقَةُ بِهَا.

(قَالَ:) وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَكَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ فَاسْتَعْدَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَبِيتَ مَعَهَا وَيُفْطِرَ لَهَا. وَبَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِكَعْبِ بْنَ سَوْرٍ اقْضِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: أَرَاهَا إحْدَى نِسَائِهِ الْأَرْبَعِ لَهُنَّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا وَلَهَا يَوْمُ وَلَيْلَةٌ. وَقِصَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَتْ: إنَّ زَوْجِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ، فَقَالَ: نِعْمَ الرَّجُلُ زَوْجُك، فَأَعَادَتْ كَلَامَهَا مِرَارًا، فِي كُلِّ ذَلِكَ يُجِيبُهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِهَذَا، فَقَالَ كَعْبُ بْنُ سَوْرٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهَا تَشْكُو مِنْ زَوْجِهَا فِي أَنَّهُ هَجَرَ مِنْ صُحْبَتِهَا فَتَعَجَّبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ فِطْنَتِهِ وَقَالَ اقْضِ بَيْنَهُمَا، فَقَضَى كَعْبٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا ذُكِرَ فَوَلَّاهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>