قَضَاءَ الْبَصْرَةِ، ثُمَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَتَعَيَّنُ حَقُّهَا فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِ لَيَالٍ وَلَكِنْ يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِأَنْ يُرَاعِيَ قَلْبَهَا وَيَبِيتَ مَعَهَا أَحْيَانًا.
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَاشْتَغَلَ عَنْهَا بِالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، أَوْ بِصُحْبَةِ الْإِمَاءِ فَخَاصَمَتْهُ فِي ذَلِكَ قَضَى الْقَاضِي لَهَا بِلَيْلَةٍ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِ لَيَالٍ لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ سَوْرٍ، وَلِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهَا عَنْ ثَلَاثِ لَيَالٍ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ ثَلَاثًا سِوَاهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْقِسْمَةَ وَالْعَدْلَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ وَلَا مُزَاحَمَةَ هُنَا حِينَ لَمْ يَكُنْ فِي نِكَاحِهِ، إلَّا وَاحِدَةٌ، أَرَأَيْت لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَكَانَ يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَلَا يَشْتَغِلُ بِالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ أَبَدًا، حَتَّى لَا يَصُومَ لَا رَمَضَانَ وَلَا غَيْرَهُ، هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُؤْنِسَهَا بِصُحْبَتِهِ أَحْيَانًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ تَلْحَقُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْمُغَايَظَةُ لِمَقَامِهِ عِنْدَ الْأُخْرَى، فَيُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْمُزَاحَمَةِ.
(قَالَ:) وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ عَلَى أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا يَوْمًا وَالْأُخْرَى يَوْمَيْنِ، ثُمَّ طَلَبَتْ الَّتِي لَهَا الْيَوْمُ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا فَلَهَا ذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهَا رَضِيَتْ بِتَرْكِ الْعَدْلِ فِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ فَلَا يُلْزِمُهَا ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ شَيْئًا، وَلِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ.»
(قَالَ:) وَالْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ وَالْعِنِّينُ فِي الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ بَيْنَ النِّسَاءِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ وُجُوبَ الْقَسْمِ وَالْعَدْلِ لِلصُّحْبَةِ وَالْمُؤَانَسَةِ دُونَ الْمُجَامَعَةِ وَحَالُ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا كَحَالِ الْفَحْلِ، وَكَذَلِكَ الْغُلَامُ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ إذَا دَخَلَ بِامْرَأَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْقَسْمِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ التَّسْوِيَةِ لِحَقِّ النِّسَاءِ، وَحُقُوقُ الْعِبَادِ تَتَوَجَّهُ عَلَى الصِّبْيَانِ عِنْدَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ كَمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْبَالِغِينَ.
(قَالَ:) وَإِذَا جَعَلَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا جُعْلًا عَلَى أَنْ يَزِيدَهَا فِي الْقَسْمِ يَوْمًا فَفَعَلَ لَمْ يَجُزْ، وَتَرْجِعُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهَا رَشَتْهُ عَلَى أَنْ يَجُورَ وَالرِّشْوَةُ حَرَامٌ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الرِّشْوَةِ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ مِنْ السُّحْتِ؛ فَلِهَذَا تَسْتَرِدُّ مَا أَعْطَتْ وَعَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ فِي الْقَسْمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَطَّتْ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، أَوْ زَادَهَا الزَّوْجُ فِي مَهْرِهَا، أَوْ جَعَلَ لَهَا جُعْلًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ نَوْبَتَهَا لِفُلَانَةَ فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا بِهَذَا لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ شَيْئًا فَلَا تَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ الْمَالَ بِمُقَابِلَتِهِ وَلِأَنَّهَا أَخَذَتْ الرِّشْوَةَ عَلَى أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute