فَيَتَيَمَّمُ بِغُبَارِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا فِيهِ حَدِيثَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَإِنْ كَانَ الْمَطَرُ عَمَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لَطَّخَ بِالطِّينِ بَعْضَ جَسَدِهِ فَإِذَا جَفَّ حَتَّهُ وَتَيَمَّمَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِفَّ لَمْ يُصَلِّ بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَلَا تَيَمُّمٍ وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُصَلِّي ثُمَّ يُعِيدُ إذَا قَدَرَ عَلَى الطَّهُورِ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْضِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَا يَتَشَبَّهُ فِيهِ بِالْمُصَلِّينَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ تَشَبُّهًا كَمَنْ تَسَحَّرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ كَانَ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ تَشَبُّهًا بِالصَّائِمِينَ وَلَكِنَّا نَقُولُ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ مَعْصِيَةٌ وَالتَّشَبُّهُ بِالْمُطِيعِينَ لَا يَحْصُلُ بِمُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ بِخِلَافِ الْإِمْسَاكِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ.
قَالَ (وَإِنْ وَجَدَ سُؤْرَ حِمَارٍ أَوْ بَغْلٍ تَوَضَّأَ بِهِ وَتَيَمَّمَ) وَإِنْ قَدَّمَ التَّيَمُّمَ أَجْزَأَهُ إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَقُولُ مَا دَامَ مَعَهُ مَا هُوَ مَأْمُورٌ بِاسْتِعْمَالِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِتَيَمُّمِهِ وَلَكِنَّا نَقُولُ الِاحْتِيَاطُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لَا فِي التَّرْتِيبِ فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ التَّرْتِيبِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ أَنْ يُقَدِّمَ فِي التَّوَضُّؤِ بِهِ.
قَالَ (وَإِذَا أَصَابَ بَدَنَ الْمُتَيَمِّمِ نَجَاسَةٌ لَمْ يَنْقُضْ ذَلِكَ تَيَمُّمَهُ) وَلَكِنَّهُ يَمْسَحُ بِخِرْقَةٍ أَوْ تُرَابٍ لِتَتَقَلَّلَ بِهِ النَّجَاسَةُ ثُمَّ يُصَلِّي فَإِنْ صَلَّى لَمْ يَمْسَحْهُ وَأَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ إزَالَتِهَا فَجَازَتْ صَلَاتُهُ مَعَهَا.
قَالَ (وَإِذَا تَوَضَّأَ الْكَافِرُ أَوْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ) عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فَعِنْدَهُ الْوُضُوءُ لَا يُجْزِئُ إلَّا بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَعِنْدَنَا يُجْزِئُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَيَزُولُ بِهِ الْحَدَثُ فَيَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ كَغُسْلِ النَّجَاسَةِ وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا طَلَبَ مِنْ أُخْتِهِ أَنْ تُنَاوِلَهُ الصَّفْحَةَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمِنَ حَتَّى يَغْتَسِلَ نَاوَلَتْهُ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الِاغْتِسَالِ مِنْ الْكَافِرِ.
قَالَ (وَإِنْ تَيَمَّمَ الْكَافِرُ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَيَمَّمَ بِنِيَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ الطُّهْرِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ. وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ التَّيَمُّمَ يُفَارِقُ الْوُضُوءَ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَبِنِيَّةِ الطُّهْرِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَنِيَّةُ الْإِسْلَامِ نِيَّةُ قُرْبَةٍ فَإِذَا اقْتَرَنَ بِالتَّيَمُّمِ نِيَّةُ الْقُرْبَةِ صَحَّ مِنْهُ كَمَا يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ.
(وَلَنَا) أَنَّ مِنْ شَرْطِ التَّيَمُّمِ نِيَّةُ الصَّلَاةِ بِهِ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَالتَّيَمُّمُ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَنِيَّةُ الْإِسْلَامِ لَا تُعْتَبَرُ فِي التَّيَمُّمِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ قُرْبَةٍ وَنِيَّةُ الْقُرْبَةِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالطَّهَارَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا تَيَمَّمَ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ أَوْ الصَّدَقَةِ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ ثُمَّ إصْرَارُهُ عَلَى الْكُفْرِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ التَّيَمُّمِ مَعْصِيَةٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ فِيهِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ.
قَالَ (وَلَوْ تَوَضَّأَ الْمُسْلِمُ أَوْ اغْتَسَلَ ثُمَّ ارْتَدَّ - نَعُوذُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute