للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْأَطْهَارِ.

فَأَمَّا عِدَّةُ الِاعْتِدَادِ بِالْحِيَضِ بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «طَلَاقُ الْأَمَةِ ثِنْتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى هُوَ يَقُولُ الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ يَسْتَعْقِبُ جُزْءًا مَحْسُوبًا مِنْ الْعِدَّةِ كَمَا فِي الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الِاعْتِدَادُ بِالْأَطْهَارِ وَنَحْنُ نَقُولُ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْعِدَّةِ تَبَيُّنُ فَرَاغِ الرَّحِمِ وَلِهَذَا لَا تَجِبُ إلَّا عِنْدَ تَوَهُّمِ اشْتِغَالِ الرَّحِمِ وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ إذَا كَانَتْ حَامِلًا وَالْحَيْضِ؛ هِيَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى تَبَيُّنِ فَرَاغِ الرَّحِمِ دُونَ الطُّهْرِ فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِالْحَيْضِ أَوْلَى ثُمَّ الْأَصْلُ فِي الْعِبَادَاتِ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانٍ يَنْفَصِلُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ أَنَّ الْأَدَاءَ لَا يَتَّصِلُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا كَمَا فِي الْحَجِّ.

وَفِيمَا يَكُونُ مُتَّصِلُ الْأَرْكَانِ يَتَّصِلُ الْأَدَاءُ بِالشُّرُوعِ كَالصَّلَاةِ وَالْعِدَّةُ بِالْأَشْهُرِ مُتَّصِلَةُ الْأَرْكَانِ فَيَتَّصِلُ الْأَدَاءُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَالْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ مُنْفَصِلَةُ الْأَرْكَانِ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَتَّصِلَ الْأَدَاءُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْنَا الِاسْتِبْرَاءُ فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِالْحَيْضِ بِالنَّصِّ وَالْمَقْصُودُ تَبَيُّنُ فَرَاغِ الرَّحِمِ فَكَذَلِكَ الْعِدَّةُ.

(قَالَ) وَعِدَّةُ الْحَامِلِ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا وَلَوْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ بِيَوْمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] وَلِأَنَّ وَضْعَ الْحَمْلِ أَدَلُّ عَلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ مَعْرِفَةُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْأَقْرَاءِ وَعِدَّةُ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بِالنَّصِّ وَتَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {إنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: ٤] قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمُرَادُ ارْتِيَابُهَا فِي حَالِ نَفْسِهَا أَنَّهَا هَلْ تَحِيضُ بَعْدَ هَذَا أَوْ لَا حَتَّى قَالَ إذَا ارْتَابَتْ تَرَبَّصَتْ سَنَةً ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَكِنَّا نَقُولُ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] قَالَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ وَارْتَابُوا فِي ذَلِكَ فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى {وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إنْ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: ٤]، وَفِي قَوْلِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ الْقُرْءِ الْحَيْضَ.

(قَالَ) وَالْكِتَابِيَّةُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمَةِ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِمُرَاعَاةِ وَقْتِ السُّنَّةِ الزَّوْجُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَفِي الْعِدَّةِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا حَقُّ الزَّوْجِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ.

(قَالَ) وَالْأَمَةُ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ فِي وَقْتِ السُّنَّةِ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِمُرَاعَاةِ وَقْتِ السُّنَّةِ الزَّوْجُ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِكَوْنِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ إذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَا وَلِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ وَلَوْ اسْتَطَعْت لَجَعَلْتهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا بَيَّنَ أَنَّ التَّنْصِيفَ بِسَبَبِ الرِّقِّ يَثْبُتُ فِي الْعِدَّةِ وَلَكِنْ بِقَدْرِ الْمُمْكِنِ وَالْحَيْضَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تَحْتَمِلُ التَّنْصِيفَ

وَإِنْ كَانَتْ آيِسَةً أَوْ صَغِيرَةً فَعِدَّتُهَا شَهْرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>