وَنِصْفٌ لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلِأَنَّ الشَّهْرَ مُحْتَمِلٌ لِلتَّنْصِيفِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ عِدَّتُهَا بِالشُّهُورِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلَكِنَّا نَقُولُ الرِّقُّ يُنَصِّفُ ذَوَاتَ الْأَعْدَادِ بِمَنْزِلَةِ الْجَلَدَاتِ فِي الْحُدُودِ وَعِدَّتُهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا بِوَضْعِ الْحَمْلِ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ تَبَيُّنَ فَرَاغِ الرَّحِمِ لَا يَحْصُلُ قَبْلَ ذَلِكَ.
(قَالَ)، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ غَائِبًا عَنْ امْرَأَتِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِلسُّنَّةِ كَتَبَ إلَيْهَا إذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا ثُمَّ حِضْتِ فَطَهُرْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَدْ امْتَدَّ طُهْرُهَا الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ فَلَوْ كَتَبَ إذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ، وَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ؛ فَلِهَذَا قُيِّدَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَفِي الرُّقَيَّاتِ زَادَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ وَعَلِمْتِ مَا فِيهِ لِجَوَازِ أَنْ لَا تَقْرَأَ كِتَابَ زَوْجِهَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَهِيَ لَا تَشْعُرُ بِذَلِكَ وَلَكِنْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِأَنَّ الْمُغَيَّبَةَ لَا تَكُونُ أَحْرَصَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى قِرَاءَةِ كِتَابِ زَوْجِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُؤَخِّرُ ذَلِكَ. .
(قَالَ) فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا كَتَبَ ثُمَّ إذَا حِضْتِ وَطَهُرْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ شَاءَ أَوْجَزَ فَكَتَبَ إذَا جَاءَكِ كِتَابِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَيَقَعُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِأَنَّ الْكِتَابَ مِمَّنْ نَأَى بِمَنْزِلَةِ الْخِطَابِ مِمَّنْ دَنَا وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ كَتَبَ إذَا جَاءَكِ كِتَابِي هَذَا ثُمَّ أَهَلَّ شَهْرٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ إذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِلسُّنَّةِ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ.
(قَالَ) وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِامْرَأَتِهِ وَلَمْ يَخْلُ بِهَا فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا مَتَى شَاءَ خِلَافًا لِزُفَرَ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩] قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَتْلُوّ لَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ بَلْ الْمَتْلُوُّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: ٤٩] الْآيَةَ وَلَكِنَّ هَذَا غَلَطٌ وَقَعَ مِنْ الْكَاتِبِ وَتَرَكَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَدْ خَلَا بِهَا فَطَلَاقُهَا وَعِدَّتُهَا مِثْلُ الَّتِي دُخِلَ بِهَا لِأَنَّ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ فِي حُكْمِ الْعِدَّةِ بِمَنْزِلَةِ الدُّخُولِ وَمُرَاعَاةُ وَقْتِ السُّنَّةِ فِي الطَّلَاقِ لِأَجْلِ الْعِدَّةِ فَتُقَامُ الْخَلْوَةُ فِيهِ أَيْضًا مَقَامَ الدُّخُولِ.
(قَالَ)، وَإِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَدْ أَخْطَأَ السُّنَّةَ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ عَلَيْهَا وَعَلَى قَوْلِ الرَّوَافِضِ لَا يَقَعُ، وَفِي الْكِتَابِ ذَكَرَ بَابًا رَدًّا عَلَيْهِمْ فَيُؤَخَّرُ الْكَلَامُ فِيهِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَالْقَدْرُ الَّذِي نَذْكُرُهُ هُنَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُرْ ابْنَك فَلْيُرَاجِعْهَا» وَالْمُرَاجَعَةُ تَكُونُ بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَلَكِنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ الْمَرْوِيَّ فَلْيَرْجِعْهَا وَقَدْ كَانَ أَخْرَجَهَا مِنْ بَيْتِهِ فَإِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى بَيْتِهِ وَهَذَا بَاطِلٌ مِنْ الْكَلَامِ فَقَدْ قِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute