للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَتَصَادُقِهِمَا عَلَى أَصْلِ النِّكَاحِ.

(قَالَ)، وَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَغْتَسِلْ فَالرَّجْعَةُ بَاقِيَةٌ لَهُ عَلَيْهَا وَهَذَا إذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ؛ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا عَشَرَةً فَقَدْ تَيَقَّنَّا بِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضِ بِنَفْسِ انْقِطَاعِ الدَّمِ، وَإِذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ لَمْ نَتَيَقَّنْ بِذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يُعَاوِدَهَا الدَّمُ فَيَكُونَ ذَلِكَ حَيْضًا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ وَقَدْ قَالَتْ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - الزَّوْجُ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ أَوْ مَا لَمْ تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ وَحِلُّ الصَّلَاةِ يَكُونُ بِالِاغْتِسَالِ، وَإِذَا أَخَّرَتْ الْغُسْلَ حَتَّى ذَهَبَ وَقْتُ أَدْنَى الصَّلَاةِ إلَيْهَا انْقَطَعَ حَقُّ الرَّجْعَةِ عِنْدَنَا وَلَا يَنْقَطِعُ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَلًا بِقَوْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَا لَمْ تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ وَلِبَقَاءِ تَوَهُّمِ مُعَاوَدَةِ الدَّمِ وَكَوْنُ ذَلِكَ حَيْضًا وَلَكِنَّا نَقُولُ بِذَهَابِ الْوَقْتِ صَارَتْ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا وَذَلِكَ مِنْ خَوَاصِّ أَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ فَإِذَا انْضَمَّ ذَلِكَ إلَى الِانْقِطَاعِ تَقْوَى بِهِ كَالِاغْتِسَالِ وَلَا يُعْتَبَرُ تَوَهُّمُ مُعَاوَدَةِ الدَّمِ بَعْدَهُ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ وَقِيلَ فِي مَعْنَى قَوْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حَتَّى تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ أَيْ تَحِلَّ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ بِأَنْ تَلْزَمَهَا بِذَهَابِ الْوَقْتِ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ لَهُمْ اللَّعْنَةُ} [الرعد: ٢٥] أَيْ عَلَيْهِمْ اللَّعْنَةُ أَرَأَيْت لَوْ أَخَّرَتْ الِاغْتِسَالَ شَهْرًا طَمَعًا فِي أَنْ يُرَاجِعَهَا الزَّوْجُ أَكَانَ تَبْقَى الرَّجْعَةُ إلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ هَذَا قَبِيحٌ فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي عِدَّتِهَا قَدْ رَاجَعْتهَا أَوْ أَنَّهُ قَالَ قَدْ جَامَعْتهَا كَانَ ذَلِكَ رَجْعَةً لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ الْمَسَائِلِ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ إقْرَارَ نَفْسِهِ بِالْبَيِّنَةِ بِمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِلْحَالِّ لَمْ يَكُنْ مَقْبُولًا مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَكَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهَا فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا الْيَمِينُ لِأَنَّ هَذَا اسْتِحْلَافٌ فِي الرَّجْعَةِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرَى ذَلِكَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي النِّكَاحِ فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ أَنَّهَا لَوْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا تُسْتَحْلَفُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ لَوْ نَكَلَتْ كَانَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُرَاجِعَهَا قُلْنَا ذَلِكَ اسْتِحْلَافٌ فِي الْعِدَّةِ فَإِذَا نَكَلَتْ بَقِيَتْ الْعِدَّةُ وَهِيَ مَحَلُّ الرَّجْعَةِ وَهَذَا اسْتِحْلَافٌ فِي نَفْسِ الرَّجْعَةِ وَالْخَلْوَةُ بِالْمُعْتَدَّةِ لَيْسَتْ بِرَجْعَةٍ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْلُوَ بِذَوَاتِ مَحَارِمِهِ فَلَا يَكُونُ دَلِيلَ اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ.

(قَالَ) وَلَوْ كَتَمَهَا الطَّلَاقَ ثُمَّ رَاجَعَهَا وَكَتَمَهَا الرَّجْعَةَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ لِأَنَّهُ فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ هُوَ مُسْتَبِدٌّ بِهِ وَكَذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ فَإِنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِمِلْكِهِ وَلَا يَلْزَمُهَا بِهِ شَيْءٌ فَلَا مُعْتَبَرَ بِعِلْمِهَا فِيهِ وَلَكِنَّهُ أَسَاءَ فِيمَا صَنَعَ حِينَ تَرَكَ الْإِشْهَادَ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ قَالَ بَلَغَنَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>