للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْحَافِظَةُ كَذَلِكَ فَأَمَّا إذَا قَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَتْهُ بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَتْ إلَى فَرْجِهِ بِشَهْوَةٍ تَثْبُتُ بِهِ الرَّجْعَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَا تَثْبُتُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مِنْ الزَّوْجِ دَلِيلُ اسْتِبْقَاءِ الْمِلْكِ وَلَيْسَ لَهَا وِلَايَةُ اسْتِبْقَاءِ الْمِلْكِ فَلَا يَكُونُ فِعْلُهَا رَجْعَةً وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَا فِعْلُهَا بِهِ كَفِعْلِهِ بِهَا فَإِنَّ الْحِلَّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَفِعْلُهَا بِهِ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ كَفِعْلِهِ بِهَا فَكَذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ ثُمَّ فَرَّقَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْخِيَارِ فَقَالَ الْأَمَةُ إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ بِالْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ يَكُونُ فَسْخًا لِلْبَيْعِ وَهُنَا لَا يَكُونُ رَجْعَةً مِنْهَا لِأَنَّ إسْقَاطَ الْخِيَارِ قَدْ يَحْصُلُ بِفِعْلِهَا، وَهُوَ مَا إذَا جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا وَالرَّجْعَةُ لَا تَكُونُ بِفِعْلِهَا قَطُّ وَقَدْ رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ فَقَالَ لَا يَسْقُطُ هُنَاكَ الْخِيَارُ بِفِعْلِهَا.

وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفَرِّقُ فَيَقُولُ هُنَاكَ يَسْقُطُ الْخِيَارُ بِفِعْلِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَإِثْبَاتُ الْمِلْكِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَلَيْسَ إلَيْهَا ذَلِكَ وَهُنَا لَيْسَ فِي الرَّجْعَةِ فَسْخُ السَّبَبِ وَلَا إثْبَاتُ الْمِلْكِ وَلَكِنْ إنَّمَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ بِفِعْلِهَا إذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ بِشَهْوَةٍ فَأَمَّا إذَا ادَّعَتْ هِيَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ لَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ بِشَهْوَةٍ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهَا وَقَوْلُهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ إذَا أَنْكَرَهُ الزَّوْجُ.

(قَالَ) وَتَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ الْإِضَافَةُ إلَى وَقْتٍ حَتَّى إذَا قَالَ رَاجَعْتُك غَدًا أَوْ إذَا جَاءَ غَدٌ فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ فَلَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ كَأَصْلِ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ مَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ بِهِ وَلَا يَحْلِفُ بِالرَّجْعَةِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ نَظِيرُ الْإِذْنِ لِلْعَبْدِ وَالتَّوْكِيلُ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ إطْلَاقٌ وَرَفْعٌ لِلْقَيْدِ وَالْحَجْرُ عَلَى الْعَبْدِ وَعَزْلُ الْوَكِيلِ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ تَقْيِيدٌ.

(قَالَ) وَإِنْ قَالَ كُنْت رَاجَعْتُك أَمْسِ صَدَقَ إنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ بُعْدٌ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ فَلَا يَكُونُ مُتَّهَمًا فِي الْإِخْبَارِ وَلَمْ يُصَدَّقْ إذَا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَإِذَا كَانَ يَمْلِكُ مُبَاشَرَتَهُ فِي الْحَالِ تَنْتَفِي تُهْمَةُ الْكَذِبِ عَنْ خَبَرِهِ، وَإِذَا كَانَ لَا يَمْلِكُ مُبَاشَرَتَهُ تَتَمَكَّنُ تُهْمَةُ الْكَذِبِ فِي خَبَرِهِ وَهُوَ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا قَالَ قَبْلَ الْعَزْلِ كُنْت بِعْته مِنْ فُلَانٍ يُصَدَّقُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بَعْدَ الْعَزْلِ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي إخْبَارِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَ مُصَدَّقًا لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا وَتَصَادُقُهُمَا عَلَى الرَّجْعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>