فَهُوَ دَمٌ وَإِنْ لَمْ يَذُبْ فَهُوَ وَلَدٌ وَلَكِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الطِّبِّ لَا مِنْ بَابِ الْفِقْهِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ.
(قَالَ)، وَإِذَا قَالَتْ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ أَخْبَرَتْنِي أَمْسِ أَنَّهَا لَمْ تَحِضْ شَيْئًا فَإِنْ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهَا مَا لَا يُعْرَفُ سَبَبُهُ وَهِيَ تُنْكِرُ ذَلِكَ وَقَدْ ظَهَرَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِخَبَرِهَا وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالتَّصَادُقِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ وَبَعْدَ مَا أَخْبَرَتْ أَمْسِ أَنَّهَا لَمْ تَحِضْ شَيْئًا فَإِخْبَارُهَا فِي الْيَوْمِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مُسْتَحِيلٌ وَلِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا وَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا.
(قَالَ) فَإِنْ كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ لِصِغَرٍ أَوْ إيَاسٍ فَحَاضَتْ اُنْتُقِضَ مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا بِالشُّهُورِ وَكَانَ عَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ أَمَّا فِي الْآيِسَةِ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهَا لَمَّا حَاضَتْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ آيِسَةً وَإِنَّمَا كَانَتْ مُمْتَدًّا طُهْرُهَا وَأَمَّا فِي الصَّغِيرَةِ إذَا حَاضَتْ فَلِأَنَّهَا قَدَرَتْ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْأَصْلِ تَمْنَعُ اعْتِبَارَ الْبَدَلِ وَلَا يَكْمُلُ مَعَ الْأَصْلِ لِأَنَّهُمَا لَا يَلْتَقِيَانِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْنَافِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا لَوْ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً فَحَاضَتْ وَطَهُرَتْ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى لِأَنَّ الْفَصْلَ بِالشَّهْرِ بَيْنَ الطَّلَاقَيْنِ كَانَ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَيْضِ. .
(قَالَ) وَكَذَلِكَ لَوْ حَاضَتْ حَيْضَةً ثُمَّ أَيِسَتْ مِنْ الْحَيْضِ اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ بَعْدَ الْحَيْضَةِ لِأَنَّ إكْمَالَ الْأَصْلِ بِالْبَدَلِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْنَافِ وَإِيَاسُهَا أَنْ تَبْلُغَ مِنْ السِّنِّ مَا لَا يَحِيضُ فِيهِ مِثْلُهَا لِأَنَّهُ مَعْنًى فِي بَاطِنِهَا لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ السَّبَبِ الظَّاهِرِ فِيهِ، وَإِذَا بَلَغَتْ مِنْ السِّنِّ مَا لَا يَحِيضُ فِيهِ مِثْلُهَا وَهِيَ لَا تَرَى الدَّمَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا آيِسَةٌ وَلَمْ يُقَدَّرْ السِّنُّ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّقْدِيرُ بِخَمْسِينَ سَنَةً، وَفِي رِوَايَةٍ سِتِّينَ سَنَةً وَفَصَلَ فِي رِوَايَةٍ بَيْنَ الرُّومِيَّاتِ وَالْخُرَاسَانِيَّات فَفِي الرُّومِيَّاتِ التَّقْدِيرُ بِخَمْسِينَ سَنَةً لِأَنَّ الْهَرَمَ يُسْرِعُ إلَيْهِنَّ، وَفِي الْخُرَاسَانِيَّات التَّقْدِيرُ بِسِتِّينَ سَنَةً وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى التَّقْدِيرِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً فَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إذَا جَاوَزَتْ الْمَرْأَةُ خَمْسِينَ سَنَةً لَمْ تَرَ فِي بَطْنِهَا قُرَّةَ عَيْنٍ.
(قَالَ)، وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ الطُّهْرِ وَتَرَكَهَا حَتَّى حَاضَتْ الثَّالِثَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ الطُّهْرِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بَعْدَ التَّطْلِيقَةِ الثَّالِثَةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ قَدْ صَحَّتْ لِمُصَادَفَتِهَا الْعِدَّةَ فَإِذَا طَلَّقَهَا كَانَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ وَقَدْ أَسَاءَ فِيمَا صَنَعَ لِأَنَّهُ طَوَّلَ الْعِدَّةَ عَلَيْهَا وَجَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: ٢٣١] أَنَّهُ نَزَلَ فِيمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute