يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] إنَّمَا نَزَلَتْ فِيمَا إذَا خَطَبَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَأَبَى أَوْلِيَاؤُهَا أَنْ يَتْرُكُوهَا.
(قَالَ)، وَإِذَا اغْتَسَلَتْ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ غَيْرَ أَنَّهُ بَقِيَ مِنْهَا عُضْوٌ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فَالزَّوْجُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَلَوْ بَقِيَ مَا دُونَ الْعُضْوِ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ قَالَ هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ غَيْرَ أَنِّي أَسْتَحْسِنُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ نَصًّا مَوْضِعَ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي الْعُضْوِ الْكَامِلِ فِي الْقِيَاسِ يَنْقَطِعُ لِأَنَّهَا مُغْتَسِلَةٌ وَقَدْ غَسَلَتْ أَكْثَرَ الْبَدَنِ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَنْقَطِعُ لِأَنَّ الْعُضْوَ الْكَامِلَ وَرَدَ الْخِطَابُ بِتَطْهِيرِهِ شَرْعًا فَبَقَاؤُهُ كَبَقَاءِ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَلِأَنَّ الْعُضْوَ الْكَامِلَ لَا يَقَعُ الِانْتِقَالُ عَنْهُ عَادَةً فَلَا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْجَفَافُ عَادَةً بِخِلَافِ مَا دُونَهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِيمَا دُونَ الْعُضْوِ فِي الْقِيَاسِ يَبْقَى حُكْمُ الرَّجْعَةِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْحَدَثِ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ» وَلِأَنَّهُ لَمْ تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ فَكَانَ هَذَا وَبَقَاءُ عُضْوٍ كَامِلٍ سَوَاءٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ لِأَنَّ مَا دُونَ الْعُضْوِ لِقِلَّتِهِ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْجَفَافُ فَلَا يَتَيَقَّنُ بِعَدَمِ إصَابَةِ الْمَاءِ؛ فَلِهَذَا يُؤْخَذُ فِيهِ بِالِاحْتِيَاطِ فَتَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ حَتَّى تَغْسِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ احْتِيَاطًا لِأَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَصِلْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ.
(قَالَ) وَلَوْ تَرَكَتْ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فِي الِاغْتِسَالِ لَا تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِبَقَاءِ عُضْوٍ كَامِلٍ وَتَنْقَطِعُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - احْتِيَاطًا لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فِي الِاغْتِسَالِ سُنَّةٌ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي قَطْعِ الرَّجْعَةِ.
(قَالَ)، وَإِذَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ مَا طَهُرَتْ وَأَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَتَيَمَّمَتْ وَصَلَتْ مَكْتُوبَةً أَوْ تَطَوُّعًا فَقَدْ انْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِطَهَارَتِهَا حِينَ جَوَّزْنَا صَلَاتَهَا بِالتَّيَمُّمِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَضَى عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ وَهُنَاكَ تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ فَهُنَا كَذَلِكَ فَإِنْ وَجَدَتْ الْمَاءَ بَعْدَ هَذَا اغْتَسَلَتْ وَلَمْ يُعَدَّ حَقُّ الرَّجْعَةِ لِأَنَّ صَلَاتَهَا تِلْكَ بَقِيَتْ مُجْزِئَةً وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ لِأَنَّ بِمُعَاوَدَةِ الدَّمِ تَبَيَّنَ أَنَّ الِانْقِطَاعَ لَمْ يَكُنْ طُهْرًا وَبِوُجُودِ الْمَاءِ لَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا تَيَمَّمَتْ وَلَمْ تُصَلِّ فَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا حَقُّ الرَّجْعَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ اسْتِحْسَانًا، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَدْ انْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الِاغْتِسَالِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ فِيمَا يُبْنَى أَمْرُهُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ بِدَلِيلِ حِلِّ أَدَاءِ الصَّلَاةِ لَهَا وَحِلِّ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَالْحُكْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute