للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا تُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهَا.

بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ فَإِنَّهَا مَكْفِيَّةُ الْمُؤْنَةِ وَنَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالطَّلَاقِ فَلَا حَاجَةَ بِهَا إلَى الْخُرُوجِ وَإِنْ كَانَتْ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا فِي الْخُلْعِ فَهِيَ الَّتِي أَضَرَّتْ بِنَفْسِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَبِيتَ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهَا الْبَيْتُوتَةُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا وَالْبَيْتُوتَةُ فِي جَمِيعِهَا أَوْ أَكْثَرِهَا.

(قَالَ) وَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ أَمَةً أَوْ مُكَاتَبَةً فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ جَمِيعًا لِأَنَّهَا مَا كَانَتْ مَمْنُوعَةً عَنْ الْخُرُوجِ فِي حَالِ النِّكَاحِ وَالْمَنْعُ فِي الْعِدَّةِ عَلَى ذَلِكَ يَنْبَنِي، وَهَذَا لِأَنَّ خِدْمَتَهَا حَقُّ مَوْلَاهَا وَالْمَنْعُ عَنْ الْخُرُوجِ إمَّا لِحَقِّ الشَّرْعِ أَوْ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَحَقُّ الْمَوْلَى فِي الْخِدْمَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَالْمُكَاتَبَةُ إنَّمَا تَخْرُجُ لِلِاكْتِسَابِ، وَفِي كَسْبِهَا حَقُّ الْمَوْلَى إمَّا أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ أَوْ يَخْلُصَ لَهُ إذَا عَجَزَتْ وَالْمُسْتَسْعَاةُ كَالْمُكَاتَبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ الْكِتَابِيَّةُ تَحْتَ مُسْلِمٍ.

أَمَّا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِقِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَإِنْ مَنَعَهَا الزَّوْجُ عَنْ الْخُرُوجِ فَلَهُ ذَلِكَ تَحْصِينًا لِمَائِهِ وَلِكَيْلَا تُلْحِقَ بِهِ نَسَبًا لَيْسَ مِنْهُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١] أَيْ وَلَدًا وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَمْنَعُهَا الزَّوْجُ فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ، وَكَذَلِكَ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ لَهَا أَنْ تَبِيتَ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَهِيَ لَا تُخَاطَبُ بِذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فَقَالَ لِأَنَّ مَا فِيهَا مِنْ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِنْ الْخُرُوجِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ صَبِيَّةً فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ لِأَنَّهَا لَا تُخَاطَبُ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا مِنْ حُقُوقِ الشَّرْعِ كَالصَّلَوَاتِ وَالْحُدُودِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهَا مِلْكٌ وَلَا يُتَوَهَّمُ الْحَبَلُ قَالُوا إلَّا أَنْ تَكُونَ مُرَاهِقَةً يُتَوَهَّمُ أَنْ تَحْبَلَ فَحِينَئِذٍ هِيَ كَالْكِتَابِيَّةِ فَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ هِيَ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ لِبَقَاءِ مِلْكِ النِّكَاحِ لَهُ عَلَيْهَا.

(قَالَ)، وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا فِي مَنْزِلِ مُكْرًى فَطَلَّقَهَا فِيهِ فَالْكِرَاءُ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا لِأَنَّ السُّكْنَى عَلَيْهِ وَالْكِرَاءُ مُؤْنَةُ السُّكْنَى فَتَكُونُ عَلَيْهِ كَمَا فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ فَإِنْ أَخْرَجَهَا أَهْلُ الْمَنْزِلِ فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ التَّحَوُّلِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ فِي مَنْزِلِهِمْ وَهِيَ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْمُقَامِ مَعَ الْإِخْرَاجِ فَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا لَهَا فِي التَّحَوُّلِ كَمَا إذَا انْهَدَمَ الْمَنْزِلُ فَأَمَّا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَجْرُ الْمَنْزِلِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَا تَسْتَوْجِبُ عَلَى زَوْجِهَا السُّكْنَى كَمَا لَا تَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ فَإِنْ مَكَّنَهَا أَهْلُ الْمَنْزِلِ مِنْ الْمُقَامِ بِكِرَاءٍ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْكُنَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَجِدُ ذَلِكَ فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ التَّحَوُّلِ لِأَنَّ سُكْنَاهَا فِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>