الْمَنْزِلِ حَقُّ الشَّرْعِ فَإِذَا قَدَرْت عَلَيْهِ بِعِوَضٍ لَزِمَهَا كَالْمُسَافِرِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ الثَّمَنُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ الثَّمَنُ فَلَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ زَوْجُ الْمُطَلَّقَةِ غَائِبًا فَأَخَذَهَا أَهْلُ الْمَنْزِلِ بِكِرَاءٍ فَعَلَيْهَا أَنْ تُعْطِيَ الْأَجْرَ وَتَسْكُنَ إذَا كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ فِي مَنْزِلِ زَوْجِهَا فَمَاتَ الزَّوْجُ إنْ كَانَ نَصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ يَكْفِيهَا فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْكُنَ فِي نَصِيبِهَا فِي الْعِدَّةِ وَلَا يَخْلُو بِهَا مَنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا مِنْ وَرَثَةِ الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهَا لَا يَكْفِيهَا فَإِنْ رَضِيَ وَرَثَةُ الزَّوْجِ أَنْ تَسْكُنَ فِيهِ سَكَنَتْ وَإِنْ أَبَوْا كَانَتْ فِي سَعَةٍ مِنْ التَّحَوُّلِ لِلْعُذْرِ وَإِنْ كَانَتْ فِي مَنْزِلٍ مَخُوفٍ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مَالِهَا وَلَيْسَ مَعَهَا رَجُلٌ كَانَتْ فِي سَعَةٍ مِنْ الرِّحْلَةِ لِأَنَّ الْمُقَامَ مَعَ الْخَوْفِ لَا يُمْكِنُ، وَفِي الْمُقَامِ ضَرَرٌ عَلَيْهَا فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا وَذَلِكَ عُذْرٌ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الشَّرْعِ كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ سَبُعٌ أَوْ عَدُوٌّ وَلَوْ كَانَتْ بِالسَّوَادِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا الْخَوْفُ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ فِي سَعَةٍ مِنْ التَّحَوُّلِ إلَى الْمِصْرِ لِأَنَّهَا تَتَمَكَّنُ مِنْ إزَالَةِ الْخَوْفِ هُنَا بِالتَّحَوُّلِ إلَى الْمِصْرِ وَلَوْ كَانَ زَوَالُ الْخَوْفِ بِالتَّحَوُّلِ مِنْ مَنْزِلٍ إلَى مَنْزِلٍ كَانَ لَهَا أَنْ تَتَحَوَّلَ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بِالتَّحَوُّلِ مِنْ السَّوَادِ إلَى الْمِصْرِ.
(قَالَ)، وَإِذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا أَوْ غَيْرِهِمْ زَائِرَةً كَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَعُودَ إلَى مَنْزِلِ زَوْجِهَا حَتَّى تَعْتَدَّ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ زَوْجُهَا مَعَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا الْمُقَامُ فِي مَنْزِلٍ مُضَافٍ إلَيْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١] وَالْإِضَافَةُ إلَيْهَا بِكَوْنِهَا سَاكِنَةً فِيهِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهَا الْمُقَامُ فِي مَنْزِلٍ كَانَتْ سَاكِنَةً فِيهِ إلَى وَقْتِ الْفُرْقَةِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَنْزِلَ الَّذِي هِيَ فِيهِ زَائِرَةٌ لَيْسَ بِمُضَافٍ إلَيْهَا فَعَلَيْهَا أَنْ تَعُودَ إلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي كَانَتْ سَاكِنَةً فِيهِ لِتَتَمَكَّنَ مِنْ إقَامَةِ حَقِّ الشَّرْعِ.
(قَالَ) وَلَوْ سَافَرَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَهِيَ لَا تُفَارِقُ زَوْجَهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يَقْطَعُ النِّكَاحَ فَأَمَّا إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا فِي مَنْزِلِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا قَبْلَ الرَّجْعَةِ عِنْدَنَا وَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيلَ هَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ بِهَا رَجْعَةٌ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ دَلِيلُ اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ كَالتَّقْبِيلِ وَالْمَسِّ بِشَهْوَةٍ وَعِنْدَنَا لَا يَكُونُ السَّفَرُ بِهَا رَجْعَةً لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْمِلْكِ كَالْخَلْوَةِ وَقِيلَ هِيَ مَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ فَهُوَ يَقُولُ الْحِلُّ وَالنِّكَاحُ بَيْنَهُمَا قَائِمٌ فَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَلَكِنَّا نَقُولُ هِيَ مُعْتَدَّةٌ وَالْمُعْتَدَّةُ مَمْنُوعَةٌ مِنْ إنْشَاءِ السَّفَرِ مَعَ زَوْجِهَا كَمَا تُمْنَعُ مِنْ إنْشَاءِ السَّفَرِ مَعَ الْمَحْرَمِ وَرُبَّمَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا فِي الطَّرِيقِ فَتَبْقَى بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَلَا زَوْجٍ وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَقْصِدِهَا دُونَ مَسِيرَةِ سَفَرٍ وَبَيْنَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute