للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَاءٌ.

(قَالَ)، وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي فَاسِدٌ وَالْفَاسِدُ مِنْ الْفِرَاشِ لَا يُعَارِضُ الصَّحِيحَ فِي حُكْمِ النَّسَبِ فَكَانَ الْوَلَدُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ الصَّحِيحِ فَإِذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الْآخَرُ لَمْ نُلْزِمْهُ الْأَوَّلَ وَلَا الْآخَرَ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْعُلُوقَ بِهِ كَانَ بَعْدَ الطَّلَاقِ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَتَيَقَّنَّا أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي لِأَنَّ أَدْنَى مُدَّةِ الْحَبَلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الْآخَرُ وَدَخَلَ بِهَا فَهُوَ لِلْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا مُزَاحَمَةَ لِلْأَوَّلِ هُنَا فِي النَّسَبِ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْعُلُوقَ بِهِ كَانَ بَعْدَ طَلَاقِهِ فَبَقِيَ الْحُكْمُ لِلْآخَرِ وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ لِمُدَّةِ حَبَلٍ تَامٍّ بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا الثَّانِي بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ.

(قَالَ)، وَإِذَا مَاتَ الصَّبِيُّ عَنْ امْرَأَتِهِ فَظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ عِدَّتَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْحَبَلِ لِأَنَّهُ مِنْ زِنًا حَادِثٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْعِدَّةِ الْوَاجِبَةِ وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا التَّرَبُّصُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ عِنْدَ الْمَوْتِ وَزَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَنَّ فِي امْرَأَةِ الْكَبِيرِ إذَا حَدَثَ الْوَلَدُ بَعْدَ الْمَوْتِ يَكُونُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِالْوَضْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْجَوَابُ فِي الْفَصْلَيْنِ وَاحِدٌ وَمَتَى كَانَ الْحَبَلُ حَادِثًا بَعْدَ الْمَوْتِ كَانَ مِنْ زِنًا فَلَا يَتَغَيَّرُ بِهِ حُكْمُ الْعِدَّةِ.

وَإِنَّمَا الْفَرْقُ فِي امْرَأَةِ الْكَبِيرِ إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا لِأَنَّهُ يَسْتَنِدُ الْعُلُوقُ إلَى مَا قَبْلَ الْمَوْتِ حَتَّى يُحْكَمَ بِثُبُوتِ النَّسَبِ فَيَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ الْحَبَلَ لَيْسَ بِحَادِثٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَفِي امْرَأَةِ الصَّغِيرِ لَا يَسْتَنِدُ الْعُلُوقُ إلَى مَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا يَسْتَنِدُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ مِنْهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْحَبَلُ ظَاهِرًا وَقْتَ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا ظَهَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ يُجْعَلُ هَذَا حَبَلًا حَادِثًا.

فَأَمَّا إذَا كَانَتْ حُبْلَى عِنْدَ مَوْتِ الصَّبِيِّ فَعِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا اسْتِحْسَانًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عِدَّتَهَا بِالشُّهُورِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَوَجْهُهُ أَنَّا نَتَيَقَّنُ أَنَّ هَذَا الْحَبَلَ مِنْ زِنًا فَلَا يَتَقَدَّرُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِهِ كَمَا لَوْ ظَهَرَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهَذَا لِأَنَّ اعْتِبَارَ وَضْعِ الْحَمْلِ فِي الْعِدَّةِ لِحُرْمَةِ الْمَاءِ وَصِيَانَتِهِ وَلَا حُرْمَةَ لِمَاءِ الزَّانِي.

وَلِأَنَّا نَتَيَقَّنُ بِفَرَاغِ رَحِمِهَا مِنْ مَاءِ الزَّوْجِ عِنْدَ مَوْتِهِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِالشُّهُورِ حَقًّا لِنِكَاحِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَبَلٌ وَلَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَأُولَاتِ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>