قَاضِيَةٌ عَلَى آيَةِ التَّرَبُّصِ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَهَا وَعُمُومُ هَذِهِ الْآيَةِ يُوجِبُ أَنْ لَا تَجِبَ الْعِدَّةُ عَلَى الْحَامِلِ إلَّا بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَهُوَ الْمَعْنَى أَنَّهُ قَدْ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ وَهِيَ حَامِلٌ فَيَتَقَدَّرُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِالْوَضْعِ كَامْرَأَةِ الْكَبِيرِ وَهَذَا لِأَنَّ الْعِدَّةَ فِي الْأَصْلِ مَشْرُوعَةٌ لِتُعْرَفَ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ.
وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي جَانِبِهَا هُنَا وَإِنَّمَا انْعَدَمَ اشْتِغَالُ رَحِمِهَا بِمَاءِ الزَّوْجِ وَلَيْسَ الشَّرْطُ فِيمَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الزَّوْجِ كَالشُّهُورِ وَالْحَيْضِ وَكَمَا لَوْ نَفَى حَبَلَ امْرَأَتِهِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِاللِّعَانِ وَحَكَمَ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ وَالدَّلِيلُ الْحُكْمِيُّ كَالدَّلِيلِ الْمُتَيَقَّنِ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَبَلُ ظَاهِرًا عِنْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِفَرَاغِ رَحِمِهَا عِنْدَ ذَلِكَ حَمْلًا لِأَمْرِهَا عَلَى الصَّلَاحِ وَأَلْزَمْنَاهَا الْعِدَّةَ بِالشُّهُورِ حَقًّا لِلنِّكَاحِ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِحُدُوثِ الْحَبَلِ مِنْ زِنًا بَعْدَهُ.
(قَالَ) وَالْخَصِيُّ كَالصَّحِيحِ فِي الْوَلَدِ وَالْعِدَّةِ لِأَنَّ فِرَاشَهُ كَفِرَاشِ الصَّحِيحِ وَهُوَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَالِدًا وَالْوَطْءُ مِنْهُ يَتَأَتَّى مَعَ أَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِالْوَطْءِ مِنْهُ فِي حُكْمِ النَّسَبِ حَتَّى لَا يُشْتَرَطَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْوَطْءِ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَالِدًا وَبِدُونِ الصَّلَاحِيَّةِ لَا تَعْمَلُ الْعِلَّةُ. .
(قَالَ) وَكَذَلِكَ الْمَجْبُوبُ إذَا كَانَ يُنْزِلُ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَالِدًا وَالْإِعْلَاقُ بِالسُّحْقِ مِنْهُمْ مُتَوَهِّمٌ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ لَا يُنْزِلُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ إذَا جَفَّ مَاؤُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ أَوْ دُونَهُ لِأَنَّ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ يَنْعَدِمُ الْمَاءُ فِي الْحَالِ إلَى تَوَهُّمِ ظُهُورِهِ فِي الثَّانِي عَادَةً، وَفِي حَقِّ هَذَا يَنْعَدِمُ الْمَاءُ لَا إلَى تَوَهُّمِ الظُّهُورِ فِي الثَّانِي فَإِذَا كَانَ هُنَاكَ تَنْعَدِمُ الصَّلَاحِيَّةُ فَهُنَا أَوْلَى.
(قَالَ) وَلَا يَكُونُ طَلَاقُ الصَّبِيِّ طَلَاقًا حَتَّى يَبْلُغَ لِقَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا ثُمَّ بُلُوغُهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْعَلَامَةِ أَوْ بِالسِّنِّ وَالْعَلَامَةُ فِي ذَلِكَ الْإِنْزَالُ بِالِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ، وَفِي حَقِّ الْجَارِيَةِ بِالِاحْتِلَامِ وَالْحَبَلِ وَالْحَيْضِ قَالُوا وَأَدْنَى الْمُدَّةِ فِي حَقِّ الْغُلَامِ اثْنَا عَشَرَ سَنَةً، وَفِي حَقِّ الْجَارِيَةِ تِسْعُ سِنِينَ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ الْحَيْضِ وَأَمَّا بُلُوغُهُمَا بِالسِّنِّ فَقَدَّرَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَارِيَةِ بِسَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَفِي الْغُلَامِ بِتِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَفِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ ذَكَرَ فِي الْغُلَامِ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً فِي مَوْضِعٍ، وَفِي مَوْضِعٍ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ وُفِّقَ فَقَالَ الْمُرَادُ أَنْ يَتِمَّ لَهُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً وَيَطْعَنُ فِي التَّاسِعَ عَشْرَةَ وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي نُسَخِ أَبِي سُلَيْمَانَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَفِيهِ رِوَايَتَانِ إذَنْ.
وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ يَتَقَدَّرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute